كنت في سفرة البطالة والغ ... يّ زمانا فحان مني قدوم
تبت عن كلّ مأثم فعسى يم ... حى بهذا الحديث ذاك القديم
وله: [البسيط]
الله يعلم ما إثم هممت به ... إلّا ونغّصه خوفي من النّار
وإنّ نفسي ما همّت بمعصية ... إلا وقلبي عليها عائب زاري
آخر: [الطويل]
تطالبني نفسي بما فيه صونها ... فأعضي ويسطو توقها فأطيعها
وو الله ما يخفى عليّ ضلالها ... ولكنّها تأبى فلا أستطيعها
قوله: أفرطت، أي ضيّعت. اعتديت: ظلمت نفسي، قال داود الطائي: ما أخرج الله عبدا من ذل المعصية إلى عز الطاعة إلا وأغناه بغير مال، وآنسه بغير أهل، وأعزّه بلا عشيرة. خضت: جزت الغيّ الضلال. اغترار: انخداع. اختلت: تكبرت ومشيت تخيّلا، واغتلت: أهلكت، والغيلة: القتل بالخداع، وغالهم: قتلهم غيلة. افتريت: كذبت.
خلعت العذار: أزلت لجام الدّين الذي يمسكني، وتسيّبت في المعاصي. ركضا: جريا ووثبا ونيت: فترت وقصّرت في الجري إليها. تناهيت: أي بلغت النّهاية، وهي آخر الشيء: التخطي. الجواز والقطع، وتخطّيت الشيء: جزته، والخطايا: الذنوب، وهي من الخطأ لأنّ فاعلها مخطئ بفعلها. والنسيّ: الشيء المنسيّ لحقارته لا يخطر ببالك فتنساه. أجن: أكتسب. المساعي: جمع مسعاة، وهي السعي والمشي الكديد، والمساعي أيضا: المواضع التي يسعى فيها، أي يمشى بكدّ، وقال حبيب: [الطويل]
أخاف إلهي ثم أرجو نواله ... ولكنّ خوفي غالب لرجائيا
ولولا رجائي واتّكالي على الذي ... تكفّل لي بالصنع كهلا وناشيا
لما ساغ لي عذب من الماء بارد ... ولا لذّ لي نوم ولا زلت باكيا
على أنه قد كان مني جهالة ... ليالي فيها كنت لله عاصيا
أخذه من قول الحسن البصريّ: ينبغي أن يكون الخوف أغلب من الرجاء فإن الرّجاء إذا غلب الخوف فسد القلب.
***
قال الرّاوي: فطفقت الجماعة تمدّه بالدّعاء، وهو يقلّب وجهه في السّماء إلى أن دمعت أجفانه، وبدا رجفانه، فصاح: الله أكبر بانت أمارة الاستجابة، وانجابت غشاوة الاسترابة. فجزيتم يا أهل البصيرة، جزاء من هدى من الحيرة.