للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

شطّ القوم في شوطهم، ونثروا العجوة والنّجوة من نوطهم، ينبئ تخازر طرفه، وتشامخ أنفه، أنّه مخرنبق لينباع، ومجرمّز سيمدّ الباع، ونابض يبرى النبال، ورابض يبغي النّضال. فلمّا نثلت الكنائن، وفاءت السّكائن، وركدت الزّعازع، وكفّ المنازع، وسكنت الزّماجر، وسكت المزجور والزاجر، أقبل على الجماعة، وقال:

***

الكهل: التامّ الخلق، بين الشابّ والشيخ. الحاشية: طرف المجلس. والحاشية الثاني. الأتباع وخدمة القوم، وأصلها رذال المال وصغاره، قال يعقوب: الحاشية والحواشي والحشو: صغار الإبل، وأنشد: [الرجز]

* جلّلتها والأخر الحواشيا (١) *

ل: جرى. شوطهم: طلقهم. نثروا: ألقوا عليها. العجوة: التمرة الطيبة.

والنجوة: الرديئة، هكذا كان يفسّرها شيخنا أبو بكر بن أزهر عن ابن جهور، وما وجدت في كتاب لغة أن النّجوة اسم للتّمرة الرديئة، وقد بحث عنها بعض أصحابنا غاية البحث في كلّ كتاب فيه ذكر النخل والتّمر، فأخبرني أنه ما وجد لها ذكرا، وأظنها لغة بصرية متعارفة بينهم في التمر الرديء، لا أنها لغة عربية، فاستعملها كما استعمل غيرها من لغة بلده، لأن البصرة أكثر بلاد الله نخلا، فيسمون كل نوع من التمر باسم، والتمر تكثر أنواعه عندهم. ورأيت أكثر أهل سجلماسة لا يكادون يحصون أنواعه لكثرتها، ورأيت بها نوعا من التمر زعموا أنه لا يطيب أبدا، وإنما حاله أن ينكمش على نواه، فلا تجد إلا جلدا يابسا على النواة، فيعلفونه المعز، فيحتمل أن يكون مثل هذا في نخل البصرة يسمّى نجوة، ويقابل بالعجوة التي هيأشرف التمر وأطيبه. وأما من فسر النّجوة هنا بالمرتفع من الأرض، فلا معنى له. الفنجديهي: النّجوة، قيل: إنها لفاظة التمر إذا سقطت لا يبالي بها، فإن صحّت روايتها فكأنها سمّيت بالنجوة التي هي العذرة. نوطهم: وعاء تمرهم، قال أبو حنيفة: النّوطة: الجلّة الصغيرة من جلال التمر، والجلّة: الوعاء الذي يكنز فيه التمر، وكلّ وعاء له علاقة فهو نوطه، والجمع نوط، وقد ناطه ينوطه، إذا علقه، فأراد: ألقوا الكلمة الجيدة والرديئة من كلامهم. ينبئ: يخبر. تخازر طرفه: كسر عينيه بالنّظر، وتخازر: نظر بمؤخر عينيه، وهو نظر المنكر للشيء. تشامخ: ارتفاع، وهو فعل المستحقر للشيء مخرنبق: متهيّئ. لينباع: لينهض، وفسره أبو عبيدة في الأمثال، فقال: المخرنبق: المطرق الساكت، لينباع. ليثب إذا أصاب فرصة، قال: ومعناه أنه


(١) يروى الرجز:
ترى المصكّ يطرد العواشيا ... جلّتها والأخر الحواشيا
وهو بلا نسبة في لسان العرب (صكك)، (عشا)، وتاج العروس (صكك)، (عشا).

<<  <  ج: ص:  >  >>