ألا إنّ وجها حسّن الله خلقه ... لأجدر أن يلفى به الحسن جامعا
وأكرم هذا الجرم عن أن يناله ... تورّك فحل همّه أن يجامعا
أين هذه من أمّ خارجة، واسمها عمرة بنت سعد، كان يقال: لها خطب، فتقول:
نكح، وضرب بها المثل فقيل: أسرع من نكاح أمّ خارجة.
وأين هي من حفيدة قطريّ مع صاحبها، حكى الأصبهانيّ عن إسماعيل بن المهاجر قال: خرجت أنا والسيّد الحميريّ سكارى، فلقينا بنت الفجاءة بن عمرو بن قطريّ بن الفجاءة، وكانت امرأة برزة حسناء، فواقفها السّيّد، وأنشدها من شعره، فأعجب كلّ واحد منهما صاحبه، ثم خطبها، فقالت: كيف يكون هذا ونحن على ظهر الطريق! قال:
يكون كنكاح أمّ خارجة، قيل لها: خطب، قالت: نكح، فاستضحكت وقالت: ننظر في هذا، وعلى ذلك فمن أنت؟ قال: [البسيط]
إن تسأليني بقومي تسألي رجلا ... في ذروة المجد من أجواد ذي يمن
ثمّ الولاء الذي أنجو النجاة به ... من كبّة النّار للهادي أبي حسن
فقالت: لا شيء أعجب من هذا! يمانيّ وتميمية، ورافضيّ وإباضيّة، فكيف يجتمعان! فقال: بحسن رأيك تسخو نفسك، ولا يذكر أحدنا سلفا ولا مذهبا، قالت:
أفليس التزويج إذا علم، انكشفت معه الستور؟ قال: وأنا أعرض عليك أخرى، قالت:
وما هي؟ قال: المتعة التي لا يعلم بها أحد، قالت: تلك أخت الزنا، قال: أعيذك بالله أن تكفري بعد إيمانك! قالت: وكيف؟ قال لها: قال الله تعالى: فَمَا اسْتَمْتَعْتُمْ بِهِ مِنْهُنَّ فَآتُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ فَرِيضَةً، قالت: أستخير الله وأقلّدك، إذ كنت صاحب قياس وتفتيش.
ولما انصرفت معه، وبات معرسا بها؛ وبلغ أهلها من الخوارج أمرها توعدوها بالقتل، فجحدت وقالوا: أتزوجت بكافر! فكانت تختلف إليه مدّة وتواصله.
وقوله: «تقليد الخوارج أبا نعامة»، لما قتل الزّبير بن عليّ السّليطيّ أمير الخوارج، أداروا أمرهم، فأرادوا تولية عبيدة بن هلال اليشكريّ، فقال: ألا أدلّكم على من هو خير مني لكم؟ من يطاعن في قبل، يحمي عن دبر؛ عليكم بقطريّ بن الفجاءة المازنيّ، فبايعوه.
***
فأقبل على الكهل، وقال: أعلم أنّي أوالي، هذا الوالي، وأرقّح حالي، بالبيان الحالي. وكنت أستعين على تقويم أودي، في بلدي، بسعة ذات يدي، مع قلّة عددي. فلمّا ثقل حاذي، ونفذ رذاذي، أمّمته من أرجائي، برجائي، ودعوته لإعادة روائي، وإروائي؛ فهشّ للوفادة وارتاح، وغدا بالإفادة وراح. فلمّا استأذنته في المراح، إلى المراح، على كاهل المراح؛ قال: قد أزمعت ألّا أزوّدك بتاتا؛ ولا