للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

تخبّ: تثب في الثوب بسرعة. النّهد: الفرس الضّخم. أطوارا: أحيانا، ومهدها:

مئبر الخائط الذي تمسك به إبرته. تمّوز: أحد الشهور، وهو يوليه. والبرد: أن يبردها الحدّاد بالمبرد ليقوّمها ويعدّلها، فالبرد هنا فعل صانعها. قال ابن ظفر: ذهب بالبرد إلى ما طبع عليه الحديد من البرد في القيظ. قوله: «ذات عقل وعنان»، أراد بالعنان الخيط لأنها ترسله في الخياطة، والعقل شدّها بالخيط حين تمسك في الثوب. سنان: طرفها المسنون، أي المحدّد. كفّ ببنان: الكفّ والتضريب شيئان معروفان في الخياطة، فيريد أن الخائط يقلّب التضريب بأصابعه وهي البنان ويكفّه بالإبرة. فم، يريد ثقب الإبرة.

تلدغ: تضرب الإصبع. واللسان النضناض للحيّة، والنّضنضة، قيل: هي صوت الحيّة، وقيل: حركة لسانها، وإنما اختلف فيها لأن الحيّة إذا ضيّق عليها فتحت فاها وصفرت وحركت لسانها، فيقال: نضنضت، وشبّه طرف الإبرة بلسان الحيّة لكثرة حركته في الثوب؛ وما أحسن قول الشاعر في تشبيه لسان الأفعى بنور السّراج: [الوافر]

وقنديل كأنّ النّور منه ... محيّا من أحبّ إذا تجلّى (١)

أشار على الدّجى بلسان أفعى ... فشمّر ذيله فرقا وولّى

وقال ابن الصبّاغ الصقليّ في شمعة: [المنسرح]

يطعن صدر الدجى بعالية ... صنوبري لسان كوكبها

كحيّة باللسان لاحسة ... ما أدركت من سواد غيهبها

وللبيتين الأوّلين حكاية مستظرفة، حدّثني بها غير واحد من الطّلبة أردت ترك ذكرها لأمرين: لشهرتها، ولأني وجدت البيتين مثبتين في بعض النّسخ من القلائد لأحد رجالها، ثم عزم عليّ بعض الأدباء أن أذكرها، فذكرتها على اختصار لفائدتها؛ وذلك أن الشاعر المعروف بالبكيّ الهجّاء، دخل عليه في ليلة ماطرة ذات رعد وبرق في بيت فندق دوابّ- شخص في الظّلام لا يعرفه، وعلى البكيّ بقية من سلهامة خلقة، لا يواريه غيرها، وعلى الثاني بقيّة من قميص قد أسودّ من طول البلى وكثرة الأوساخ، حتى لا يعرف رائيه من أيّ ثوب هو؛ وقد بلل كلّ واحد منهما المطر. وهما في بلاء من الفقر والجوع والبرد، فرقّ لهما خادم الفندق، فدخل عليهما بقنديل، فعند ما نظر كلّ واحد منهما صاحبه تأسّى به، ورأى أنه قد وجد لنفسه نظيرا في الشقاء. فقال البكيّ لجليسه: أيّ شيء أنت؟ فقال: شاعر، وشؤم الأدب بلغ بي ما ترى، قال:

فأجز، فقال: [الوافر]

* وقنديل كأنّ النّور منه*


(١) البيتان لأبي جعفر بن البني الأندلسي في تاج العروس (بنن).

<<  <  ج: ص:  >  >>