للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أعارني إبرة لأرفو أط ... مارا غفاها البلى وسوّدها

فانخرمت في يدي على خطإ ... منّي لمّا جذبت مقودها

فلم ير الشّيخ أن يسامحني ... بأرشها إذ رأى تأوّدها

بل قال هات ابرة تماثلها ... أو قيمة بعد أن تجوّدها

واعتاق ميلي رهنا لديه ونا ... هيك بها سبّة تزوّدها

فالعين مرهى لرهنه ويدي ... تقصر عن أن تفكّ مرودها

فاسبر بذا الشّرح غور مسكنتي ... وارث لمن لم يكن تعوّدها

***

تبينا: توضّحا وتفسّرا حديثكما المهمّ الملغز. فبينا: أبعدا، أو ارتفعا. قوله:

«أرفو» أي أخيط، ويروى «لأرفأ» يقال: رفأت الثوب أرفؤه ورفوته وأرفوه، والرفو من أدقّ أنواع الخياطة، وهو نسج الخرق في الثوب حتى يعود كأنه لم يكن فيه خرق.

وقال ابن القابلة السبتيّ في غلام رفّاء: [مخلع البسيط]

يا رافيا قطع كلّ ثوب ... ويا رشا حبّة اعتمادي

عسى بخيط الوصال ترفو ... ما قطّع الهجر من فؤادي

وقال الحلوانيّ في خياط: [المديد]

ربّ خيّاط فتنت به ... فتنة أوهت قوى جلدي

لاعب بالخيط يفتله ... أتراه ظنّه جسدي!

ليت أني كنته فأرى ... بين ذاك الدّرّ والبرد

فعلت بالثّوب إبرته ... فعل سهم الشّوق في خلدي

وجرى المقراض في يده ... جرى عينيه على كبدي

ومن مجون أبي نواس، أنه كان يؤاكل إسماعيل بن أبي سهل، فعرضت له على مائدة رقاقة في جانبها خرق قد ضمّ، فرفعها بإحدى يديه ونقرها بالأخرى، فانفرجت، وقال وهو يضحك: أخبزكم مرفوء؟ فلما خرج قال: [الرمل]

خبز إسماعيل كالوش ... ى إذا ما انشق يرفا

عجبا من أثر الصن ... عة فيه كيف يخفى

إنّ رفّاءك هذا ... ألطف الأمّة كفّا

فإذا قابل بالنّص ... ف من الخبزة نصفا

ألطف الصّنعة حتى ... لا ترى المغرز أشفى

<<  <  ج: ص:  >  >>