والمحارف: المحروم، كأنّ صاحبها منع الرزق، فصار يعالج كسبه.
أبو هريرة رضي الله عنه، قال صلى الله عليه وسلم:«خير الكسب كسب يد العامل إذا نصح»(١).
سهل بن سعد رضي الله عنه: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «عمل الأبرار من الرجال الخياطة، ومن النساء الغزل».
***
فقيّض القدر لنصبي ووصبي، أن حضر هذا الخدعة نادى أبي، فأقسم بين رهطه، أنّه وفق شرطه، وادّعى أنّه طالما نظم درّة إلى درّة، فباعهما ببدرة؛ فاغترّ أبي بزخرف محاله؛ وزوّجنيه قبل اختبار حاله، فلمّا استخرجني من كناسي، ورحّلني عن أناسي، ونقلني إلى كسره، وحصّلني تحت أسره، وجدته قعدة جثمة، وألفيته ضجعة نومة. وكنت صحبته برياش وزيّ، وأثاث وريّ، فما برح يبيعه في سوق الهضم، ويتلف ثمنه في الخضم والقضم، إلى أن مزّق حالي بأسره، وأنفق مالي في عسره.
***
قوله:«قيّض»، أي قدّر وساق. نصبي: تعبي. ووصبي: مرضي، ونصب الرجل نصبا. أعيا من التعب، ووصب وصبا: أتعبه المرض، فهو نصب ووصب. الخدعة:
الكثير الخداع لغيره، وبسكون الدال الذي يخدعه غيره كثيرا؛ التحريك للفاعل والسكون للمفعول فيما يأتي على «فعلة» من الصفات. نادى: مجلس. رهطه: قومه، وهو اسم لجماعة من ثلاثة إلى عشرة، ويجمع أرهط وأراهط. وفق شرطه: أي موافق ما اشترط.
نظم درّة، يريد أنه جوهريّ ينظم سلوك اللؤلؤ. بدرة: عشرة آلاف درهم، وأراد بالدّرّة هنا الكلمة، ويعبّر بها عن الحكمة، قال النبيّ صلى الله عليه وسلم «لا تدعوا الدّرّة في أفواه الكلاب»، يعني العلم. اغتر: انخدع، وهو افتعل من الغرور. زخرف محاله: تزيين باطله، وأصل زخرف؛ زيّن الشيء بالزخرف وهو الذهب. كناسي: بيتي وأصله للظّبي، وهو من قوله تعالى: الْجَوارِ الْكُنَّسِ [التكوير: ١٦] تشبيها لها بالظباء على ما ذكره ابن قتيبة؛ ويقال له: كناس ومكنس من الكنس، كأنّ الظبية قد كنست مرقدها ووطّأته. رحّلني: نقلني وحملني على الرّحل. كسره: بيته، وأصله جانب بيت الشّعر أو الخباء، لأنّ جانب الخباء قد انكسر عن يمينه. أسره: حبسه. قعدة: كثير القعود. جثمة: كثير الجثوم، وهو ملازمة الموضع. ضجعة: كثير الاضطجاع، وهو الامتداد على الأرض للنوم. نومة: كثير النوم، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:«ثلاثة لهم المقت من الله»، وذكر الذي يكثر النّوم بالنهار،