للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

شعبة يوما؛ وعنده حماد بن سلمة، وهما يتكلّمان في حديث فقال شعبة: يا أبا سلمة، هذا الفتى الذي ذكرت لك فقال حماد؛ يا بنيّ كيف تنشد بيت الحطيئة: «أولئك قوم .. »؟ فابتدأت القصيدة من أوّلها: [الطويل]

ألا طرقتنا بعد ما هجعت هند ... وقد سرن خمسا وائلات بها الجدّ

إلى أن بلغت قوله: [الطويل]

أولئك قوم إن بنوا البنى ... وإن عاهدوا أوفوا وإن عقدوا شدّوا (١)

فقال لي حماد: يا بنيّ إن العرب تقول: بنى يبني بناء في العمران، ويقولون في الشرف: نبا ينبو نبوا، فأنشد هذا البيت «أحسنوا البنى» فعرفت قدر حمّاد من ذلك فما كنت أنشد إلا كما لقّنني.

قوله: «أرباب الجدّ». أي أصحاب السعد والمال. والعرب تقول: لفلان جدّ من الدّنيا، أي حظ وبخت، قال امرؤ القيس: [الوافر]

* وقاهم جدّهم ببني أبيهم (٢) *

وقال آخر: [الخفيف]

عش بجدّ ولا يضرّك نوك ... إنما عيش من ترى بالجدود (٣)

وجدّ الرّجل: صار له جدّ، وأجدّه الله: جعل له جدّا، وما كنت ذا جدّ، ولقد جددت تجدّ، ورجل جديد: حظيظ من الجدّ والحظّ.

أبو عبيد قوله: «ولا ينفع ذا الجدّ منك الجد»، أي ولا ينفع ذا الغنى منك غناه إنما تنفعه طاعته. يعقوب: أي من كان له حظ في الدنيا لم ينفعه ذلك في الآخرة.

بكتهم: قطع كلامهم وأهانهم. عاف: كره. وصلتهم: اتّصالهم به، والوصلة:

سبب التواصل، وهي في الآدميين ما يصل واحدا بآخر من حبّ وغيره، والوصلة بالفتح:

ما جعلته بين عود وعود، أو حبل وحبل، فوصلتهما به. صلتهم: عطيتهم. حلفة:

يمين. يصاهر: يخاتن. حرفة: صنعة ومكسب، وهي فعلة من الحرف وهو الحرمان،


(١) البيت للحطيئة في ديوانه ص ٤١، ولسان العرب (عقد)، (بنى)، والمخصص ٢/ ١٦٤، ٥/ ١٢٢، ١٥/ ١٣٩، وتهذيب اللغة ١/ ١٩٧، ١٥/ ٤٩٢، وتاج العروس (بنى).
(٢) يروى البيت:
رقاهم جدهم ببني أبيهم ... وبالأشقين ما كان العقاب
وهو في ديوان امرئ القيس ص ١٣٨، ومقاييس اللغة ٤/ ٨٣.
(٣) البيت لأبي محمد يحيى بن المبارك اليزيدي في لسان العرب (عجه)، وتاج العروس (هبنق)، (عجه)، وبلا نسبة في لسان العرب (هبنق).

<<  <  ج: ص:  >  >>