للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

المقامات بفتح الدال وكسر النون، ودنينته بنونين لتوافق «سكينته»، والصحيح حذف نونها الثانية وكسر الأولى، وهي قلنسوة محدّدة الطرف يلبسها القضاة والأكابر، وليست من كلام العرب، إنما هي من الألفاظ المستعملة في العراق، وقد استعملها شعراؤهم، قال ابن لنكك: [البسيط]

نفسي تقيك أبا الهندام يا أملي ... إنّي بكلّ الذي ترضاه لي راضي

ما كان أيرى فقيها إذ ظفرت به ... فكيف ألبسته دينيّة القاضي

وقال الصابي: [مجزوء الرجز]

وفوقه دينيّة ... تذهب طورا وتجي

ذوت: زالت وخفيت. سكينته: وقاره، وأصل ذوى، في الشيء الذي فيه بلل وندوّة، فيجفّ بلله، فاستعاره للسكينة. فاء: رجع. وعقّب: أتبع. الاستغراب: كثرة الضحك، حتى تدمع العينان؛ أراد أنه أتبع ضحكه الاستغفار ليكون كفّارة له، وهذا الذي حكي عن القاضي يحكى مثاله عن الحجاج، يقال: إنه كان إذا استغرب ضحكا يوالي من الاستغفار.

وقال عبد الله بن مسعود: في كتاب الله آيتان ما أصاب عبد ذنبا فقرأهما ثم استغفر الله إلا غفر له الأولى: قوله تعالى: وَالَّذِينَ إِذا فَعَلُوا فاحِشَةً ... [آل عمران: ١٣٥]، والثانية قوله تعالى: وَمَنْ يَعْمَلْ سُوءاً أَوْ يَظْلِمْ نَفْسَهُ ... [النساء: ١١٠] الآية.

قال أبو سعيد الخدريّ رضي الله عنه: من قال: «أستغفر الله الّذي لا إله إلّا هو الحيّ القيوم وأتوب إليه» خمس مرّات، غفر له ولو فرّ من الزحف.

شدّاد بن أوس رضي الله عنه عن النبيّ صلى الله عليه وسلم أنه قال: «سيّد الاستغفار أن تقول:

اللهمّ أنت ربي لا إله إلا أنت وأنا عبدك أصبحت على عهدك ووعدك ما استطعت. أعوذ بك من شرّ ما صنعت، أبوء بنعمتك عليّ، وأبوء لك بذنبي فاغفر لي إنه لا يغفر الذنوب إلا أنت» (١).

وأصل غفر واستغفر غطّى. قال قطرب: اللهمّ اغفر لنا ذنوبنا، أي غطّها، من قول العرب: غفرت المتاع في الوعاء أغفره غفرا، أي غطّيته. ثعلب: غفر الرجل في مرضه يغفر غفرا، أي نكس، فكأنّ المرض غطّى عليه. وقال الأصمعي رحمه الله: اللهم اغفر لنا ذنوبنا، أي استرها علينا، ومنه: اصبغ ثوبك، فإنه أغفر للوسخ، أي أستر، وهذه معان متقاربة.


(١) روي بطرق وأسانيد متعددة، أخرجه البخاري في الدعوات باب ١، والترمذي في الدعوات باب ١٥، والنسائي في الاستعاذة باب ٥٧، ٦٣، وأحمد في المسند ٤/ ١٢٢، ١٢٥، ورواه الطبراني في الجامع الصغير ١/ ٥٧.

<<  <  ج: ص:  >  >>