صفراء، قال الأعشى: [مجزوء الكامل]
بيضاء ضحوتها وصف ... راء العشية كالعراره (١)
العرار: البهار.
وقال الحريريّ في الدرّة: فأما قولهم في الحسن: أحمر، فمعناه أنه لا يكتسب ما فيه من الجمال إلا بتحمّل مشقة يحمرّ منها الوجه، كما قالوا: السّنة الحمراء للمجدبة، وكنوا عن الأمر المستصعب بالموت الأحمر، وأما قوله: [الطويل]
هجان عليها حمرة في بياضها ... تروق لها العينان والحسن أحمر
فإنه عنى به الحسن في حمرة اللّون مع البياض، دون غيره من الألوان.
وقالوا: في الجارية: جميلة من بعيد، مليحة من قريب، فالجميلة الّتي تأخذ بصرك جملة، فإذا دنت منك لم تكن كذلك، والمليحة التي كلما كرّرت بصرك فيها زادتك حسنا.
وقيل: الجميلة السمينة؛ من الجميل، وهو الشحم، والمليحة البيضاء من الملحة، وهي البياض، والصّبيحة كذلك من الصبح لبياضه.
وقالوا: إن الوجه الرّقيق البشرة الصافي الأديم إذا خجل يحمرّ، وإذا فرق يصفرّ، ومنه قولهم: ديباج الوجه، يريدون تلوّنه من رقّته.
وقال عديّ بن زيد في تلوّن الوجه: [الخفيف]
حمرة خلط صفرة في بياض ... مثل ما حاك حائك ديباجا
وقال ابن عبد ربه في ذلك: [الكامل]
يا لؤلؤا يسبي العقول أنيقا ... ورشا بتقطيع القلوب رفيقا
ما إن رأيت ولا سمعت بمثله ... درّا يعود من الحياء عقيقا
وإذا نظرت إلى محاسن وجهه ... ألفيت وجهك في سناه غريقا
يا من تقطّع خصره من رقّة ... ما بال قلبك لا يكون رقيقا!
وأعاد معنى: «درّا يعود من الحياء عقيقا»، في بيت آخر فقال وأحسن: [الكامل]
كم سوسن لطف الحياء بلونه ... فأصاره وردا على وجناته
قالت امرأة خالد بن صفوان لخالد: لقد أصبحت جميلا، قال: وكيف ذاك وما فيّ
(١) البيت في ديوان الأعشى ص ٢٠٣، ولسان العرب (عرر)، وفي الديوان واللسان «بيضاء غدوتها» بدل «بيضاء ضحوتها».