للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فواحد دنياه في وجهه ... منافق ليست له آخره

وآخر دنياه منقوصة ... من خلفه آخرة وافره

وثالث فاز بكلتيهما ... قد جمع الدّنيا مع الآخرة

ورابع قد ضاع ما بينهم ... ليست له دنيا ولا آخره

فاستعظمها المأمون وعزله عنهم.

ثم اتصل بعد ذلك يحيى بالمأمون، ونادمه، فخرج معه في يوم عيد، وقد ركب الجند أمامه، ويحيى يحادثه ويضاحكه، فنظرت إلى غلام أمرد من أولاد الجند في غاية الفراهة، عليه ثوب حرير أخضر، ودرع موشّاة مزرّرة بالذهب. فالتفت إلى يحيى، وقال له: ما تقول في هذه البضاعة؟ فقال: يا أمير المؤمنين، إنّ هذا لقبيح من إمام مثلك مع فقيه مثلي، قال: فمن الذي يقول: [المنسرح]

قاض يرى الحدّ في الزّناة ولا ... يرى على من يلوط من باس

قال: من عليه لعنة الله وغضبه، ابن أبي نعيم، الذي يقول:

أميرنا يرتشي وحاكمنا ... يلوط والشرّ بيننا راسي

قاض يرى الحدّ .. البيت، وبعده: [المنسرح]

لا أحسب الموت ينقضي وعلى ال ... أمّة وال لآل عبّاس

قال: أو صحيح هذا؟ قال: نعم، قال: ينفى إلى السّند، وإنما مازحناك، ثم قال المأمون في الغلام: [مجزوء الرمل]

أيّها الراكب ثوبا ... هـ حرير وحديد

جئت للعيد وفي وج ... هك للأعين عيد

أنت جنديّ ولكن ... فيك للحسن جنود

وفي يحيى يقول ابن أبي نعيم: [الراجز]

يا ليت يحيى لم يلده أكثمه ... ولم تطأ أرض العراق قدمه

ألوط قاض في البلاد نعلمه ... أيّ دواة لم يلقها قلمه

* وأيّ جحر لم يلجه أرقمة*

وهذا كقول الآخر: [الرمل]

* يدخل الأفعى إلى خيس الأسد*

ويحيى خراسانيّ من مرو. وبلغ من تحكّمه على المأمون أن فرض لأربعمائة غلام

<<  <  ج: ص:  >  >>