مرد، واختارهم حسان الوجوه يركبون لركوبه، فقال راشد بن إسحاق: [الوافر]
خليلي انظرا متعجّبين ... لأظرف منظر تقلاه عيني
لفرض ليس يقبل فيه إلا ... أسيل الخدّ حلو المقلتين
يقودهم إلى الهيجاء قاض ... شديد الطّعن بالرّمح الرّديني
إذا شهد الوغى منهم غلام ... تجدّل للجبين ولليدين
وبات الشيخ منحنيا عليه ... وصدغاه تحاذي الركبتين
وقال فيه: [الطويل]
وكنا نرجّي أن نرى العدل بيننا ... فأعقبناه بعد الرّجاء قنوط
متى تصلح الدّنيا ويصلح أهلها ... إذا كان قاضي المسلمين يلوط
***
وكان القاضي أبو القاسم عليّ بن محمد التنوخيّ مولعا بالغلمان، وكان له غلام اسمه نسيم، في نهاية من الحسن، وكان يؤثره على سائر غلمانه، ويخصّه بتقريبه واستخدانه، فكتب إليه بعض من يأنس به: [الرمل]
هل على من لامه مدغمة ... لاضطرار الشعر في ميم نسيم
فوقع تحت البيت: نعم، ولم لا!
وسنذكر من شعره في هذه المقامة ما يستملح.
وممن كان يميل إلى الغلمان من الأمراء أبو العشائر الحمدانيّ الذي يقول فيه المتنبي: [الوافر]
فيا بحر البحور ولا أورّي ... ويا ملك الملوك ولا أحاشي (١)
كأنّك ناظر في كلّ قلب ... فما يخفى عليك محلّ غاش
وقال بعض الرواة: دخلت على أبي العشائر أعوده من علّة، فقلت: ما يجد الأمير؟
فأشار إلى غلام قائم بين يديه، كأنّ رضوان قد غفل عنه بأبق من الجنة، ثم أنشأ يقول:
[مخلع البسيط]
أسقم هذا الغلام جسمي ... بما بعينيه من سقام
فتور عينيه من دلال ... أهدى فتورا إلى عظامي
وامتزجت روحه بروحي ... تمازج الماء بالمدام
(١) البيتان في ديوان المتنبي ٢/ ٢١١.