أفي حسن وجه لاح لم تر غيره ... ولم تدر كيف الجسم، أنت قتيل!
فقلت له: أسرفت في اللّوم ظاهرا ... وعندي ردّ لو أردت طويل
ألم تر أنّي ظاهريّ وأنّني ... على ما بدا حتى يقوم دليل!
وأحسن حبيب حين قال: [البسيط]
قال الوشاة بدا في الخدّ عارضه ... فقلت لا تنكروا وما ذاك عائبه (١)
الحسن منه على ما كنت أعهده ... والشّعر حرز له ممّن يطالبه
أحلى وأعذب ما كانت شمائله ... إذ لاح عارضه واخضرّ شاربه
وصار من كان يلحى في مودّته ... إن سيل عني وعنه قال صاحبه
وقال الحلوانيّ: [البسيط]
قالوا التحى فامّحت بالشّعر بهجته ... فقلت: لولا الدّجى لم يحسن القمر
خطّت يد الحسن فيه فوق وجنته: ... هذي محاسن- يا أهل الهوى- أخر
وله أيضا: [الخفيف]
لي حبيب إذا شكوت إليه ... سامني بالهوى عذابا شديدا
لست أدعو بالشّعر غيظا عليه ... خيفة أن يكون حسنا جديدا
غير أنّي أدعو بقلب قريح ... أن أراه مثلي محبّا عميدا
وقال غيره: [مخلع البسيط]
قد حلّ في سوقك الكساد ... مذ لاح في خدّك السّواد
كأنما الشّعر فيه زرع ... والنّتف منه له حصاد
وقوله: «ودواتي بالأقلام»، أي ابتلاه الله أن يلاط به، قال: الفنجديهيّ: أنشدني بعض الشعراء بمروروز لبعضهم: [الوافر]
دوادار الأمير له دواة ... كمثل الياسمين بغير صوف
يرى قلم الأمير يغوص فيها ... مغاص عصيدة في حلق صوفي
ونقل لفظ الدواة والأقلام من قول ديك الجن؛ وكان يهوى غلاما من حمص، اسمه بكر، فجلس معه ليلة يتحدّث بها حتى غاب القمر، فقام بكر ليمشي، فقال:
[الطويل]
(١) الأبيات في ديوان أبي تمام ص ٤٣٢.