دع البدر فليغرب فأنت لنا بدر ... إذا ما تجلّى عن محاسنك الشّعر
إذا ما انقضى سحر الذين ببابل ... فأنت لنا سحر وريقك لي خمر
ولو قيل لي قم فادع أحسن من ترى ... لصحت بأعلى الصّوت: يا بكر يا بكر!
وكان هذا الغلام شديد التصاون والتمنع، فاحتال عليه قوم من حمص، فأخرجوه إلى متنزّه، فأسكروه وفسقوا به، فبلغ ذلك ديك الجن فقال: [الكامل]
يا بكر ما فعلت بك الأرطام ... يا دار ما فعلت بك الأيّام
في الدار بعد بقية نستامها ... أم ليس فيك بقية تستام
شغل الظّلام كراك في أبوابهم ... فتفرّغت لدواتك الأقلام
وله فيه أيضا: [البسيط]
قولا لبكر بن مهديّ إذا اعتكرت ... عساكر اللّيل بين الطّاس والجام
ألم أقل لك إنّ الكبر مهلكة ... والبغي والعجب إفساد لأقوام
قد كنت تفرق من سهم تعاينه ... فصرت غير رميم رقعة الرّامي
وكنت تفزع من لمس ومن قبل ... فقد ذللت لإسراج وإلجام
إن تدم فخذاك من ركض فربّتما ... أمسى وقلبي منك الموجع الدّامي
قال أبو عليّ بن رشيق: كنت أوصي غلاما وضيئا، كان يختلف إليّ، وأحذّره من كثرة التخليط، فخرج يوما في جماعة من أصحابه، فأوقع به، فأخبرت بذلك، فقلت:
[السريع]
يا سوء ما جاءت به الحال ... إن كان ما قالوا كما قالوا
ما أحذق النّاس بصوغ الخنا ... صيغ من الخاتم خلخال
وهذا من قول ابن المعتز: [الطويل]
مضى خالد والمال تسعون درهما ... وآب ورأس المال ثلث الدّراهم
وهذا المعنى الخبيث يتبين بعقد التسعين والثلاثين في اليد.
وقال ابن رشيق: [الكامل]
سقطت ثنّيته فأوجع قلبه ... لسقوطها وجرى عليه عظيم
فإذا مررت به فسلّ فؤاده ... عنها وقل صبرا كذاك الريم
عجبا للؤلؤة هوت من سلكها ... والسّلك لا واه ولا مفصوم
أتعدّيا يا خطب وهو مصوّن ... أبدا بخاتم ربّه مختوم