للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

تعديد النّوادب، إلى إعداد المآدب، وعن تحرّق الثّواكل؛ إلى التأنّق في المآكل، لا تبالون بمن هو بال، ولا تخطرون ذكر الموت ببال، حتى كأنكم قد علقتم من الحمام بزمام، أو حصلتم من الزّمان على أمان، أو وثقتم بسلامة الذّات، أو تحقّقتم مسالمة هادم اللّذّات؛ كلّا ساء ما تتوهّمون، ثمّ كلّا سوف تعلمون!

***

قوله: «أسيتم»، أي حزنتم: انثلام: انكسار ونقصان. اخترام: هلاك، يقول: إذا انتقص لكم من المال أدنى شيء حزنتم عليه، ولا تحزنون على نقص أحبابكم.

أنس رضي الله عنه، عن النبيّ صلى الله عليه وسلم: «من أصبح حزينا على الدّنيا، أصبح ساخطا على الله».

قوله: «استكنتم»، ذللتم، واستكان، استفعل من لفظ الكين، وهو لحم باطن الفرج. اعتراض العسرة: ظهور الفقر. انقراض الأسرة: موت القرابة الزّفن: الرقص.

ضحكتم عند الدفن، جاء في الحديث عن النبي صلى الله عليه وسلم: «أن الله تعالى كره لكم العبث في الصلاة، والرفث في الصيام، والضحك في الجنائز».

ورأى ابن مسعود رضي الله عنه رجلا يضحك في جنازة، فقال: تضحك وأنت في جنازة! والله لا أكلّمك أبدا.

ونظر عبد الله بن ثعلبة إلى رجل يضحك في جنازة مستغربا، فقال: أتضحك ولعلّك قد أخذت أكفانك من القصّار! .

وفي الحديث «كثرة الضحك تميت القلب وتذهب بهاء المؤمن» (١).

قوله: «تبخرتم»، أي تعظمتم وأظهرتم الإعجاب في مشيكم. الجوائز: الصّلات وهم يظهرون في أحسن الثياب عند الملوك ليكثر لهم العطاء.

أعرضتم: تنحيتم، وهو من العرض، كأنك إذا لقيت من تكره استقبلته بعرضك، أي بجانبك. النوادب: النوائح اللواتي يندبن الميت أي يبكينه، فيقول: أعرضتم عن الباكيات حين عدّدن خصال الميت المحمودة، ولم تفكر في تلك الحال. إعداد، أي استعداد. المآدب: المطاعم للأعراس. تحرّق: توجّع. الثواكل: الفاقدات لأحبابهنّ.

التأنّق: التحسين، وقد تأنّق في الشيء، إذا احتفل فيه فأعجب به كل من رآه. بال.

دارس متغيّر، يريد الميت. ببال: بفكر وخاطر. الحمام: الموت، وأصله القدر. وهو من حمّ، أي قدّر، وذات الشيء نفسه وحقيقته. مسالمة: متاركة ومصالحة.


(١) أخرجه الترمذي في الزهد باب ٢، وابن ماجة في الزهد باب ١٩، وأحمد في المسند ٢/ ٣١٠.

<<  <  ج: ص:  >  >>