للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وبين جفونك با قاتلي ... وبين فؤادي حرب البسوس

وبين الجوانح نار الجوى ... كما قد سمعت بنار المجوس

أسارقك اللحظ في خفية ... كما يتناول قيد الشّموس

فمهما بدوت ومهما رنوت ... فشغل العيون وشغل النفوس

سررت به بين أصحابه ... فحدّوا اللحاظ وهزّوا الرءوس

وهذا على خطرة فذّة ... فكيف لو أني نويت الجلوس

قوله: «داو الكلوم»، يريد جراح قلبه من أنكاد الدهر، ولذلك اتبعه، ب «سلّ الهموم»، لأنه في معنى «داو الكلوم»، وهذا كقول العطويّ:

أعجبتنّ أن أناخ بي الدّهر ... فخاصمته إلى الأقداح

لا تذاد الهموم أنشبن أظفا ... را حدادا بشرب ماء قراح

أحمد الله صارت الكأس تأسو ... دون إخواني الثقات جراحي

قوله: «تقترح» تتمنى. الغبوق: شرب العشي، والمسوق: المحبّ، وطمح: ارتفع بالنظر، يقول: خصّ شرابك بالعشي مع غلام حسن يسقيك ويبيت معك على شرابك، ويكون لإفراط حسنه، يجلب عذاب العاشق إذا نظره.

ومما قيل في السقاة ووصف الخمر من الشعر المستحسن قول أبي نواس:

[الطويل]

إذا عبّ فيها شارب القوم خلته ... يقبّل في داج من الليل كوكبا

ترى حيثما كانت من البيت مشرقا ... وما لم تكن فيه من البيت مغربا

يدور بها ساق أغنّ ترى له ... على مستدار الخدّ صدغا معقربا

سقاني ومنّاني بعينيه منية ... فكانت إلى نفسي ألذّ وأعجبا

وقال ابن الروميّ فأحسن: [الكامل]

ومهفهف كملت محاسنه ... حتى تجاوز منية النّفس

تصبو الكئوس إلى مراشفه ... وتضجّ في يده من الحبس

أبصرته والكأس بين فم ... منه وبين أنامل خمس

فكأنّها وكأنّ شاربها ... قمر يقبّل عارض الشمس

وقال ابن المعتز: [البسيط]

ظبي مخلّى من الأحزان أودعني ... ما يعلم الله من حزن ومن قلق

كأنه وكأن الكأس في يده ... هلال أوّل شهر غاب في شفق

<<  <  ج: ص:  >  >>