للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

تستقبل الشمس وتدور معها، وانظرها في المقامة السادسة والثلاثين، وقال المعرّيّ:

[الكامل]

وهجيرة كالهجر موج سرابها ... كالبحر ليس لمائه من طحلب (١)

أوفي بها الحرباء عودي منبر ... للظّهر إلا أنه لم يخطب

فكأنه رام الكلام ومسّه ... عيّ فأسعده لسان الجندب

وقال أيضا في نحوه: [الطويل]

وساحرة الأقطار يجنى سرابها ... فتصلب حرباء بريّا على جذع (٢)

قوله: «هجم» أي دخل على غفلة. متسعسع: هرم متقارب الخطو. مترعرع: شاب متزايد، وترعرع الغلام، أي أخذ في الزيادة في طوله وخلقته، والرّعرع: الشباب.

أريب: عاقل. حاور: راجع الكلام. نثر من سمطه، أبدى من كلامه، وأصل السّمط خيط الجوهر. انبساطه: دالّته، وهذا الكلام أصله في البساط، تقول: بسطته فانبسط، فلا يكون الانبساط مطاوعا إلا بعد الشروع في البسط، يقول: فهذا الشيخ انبسط علينا قبل أن نبسطه، أي دلّ علينا قبل أن نجعل له السبيل في ذلك. ومما يستحسن من المنظوم هنا قول ابن كناسة: [المنسرح]

فيّ انقباض وحشمة فإذا ... لاقيت أهل الوفاء والكرم

أرسلت نفسي على سجيّتها ... فقلت ما قلت غير محتشم

قال إسحاق الموصلي: أنشدني ابن كناسة هذين البيتين، فقلت له: وددت أني سبقتك إليهما وينقص من عمري سنتان.

ولجت: دخلت.

***

فقال: أما أنا فعاف، وطالب إسعاف، وسرّ ضرّي غير خاف، والنّظر إليّ شفيع لي كاف، وأما الانسياب، الذي علق به الارتياب، فما هو بعجاب، إذ ما على الكرماء من حجاب، فسألناه: أنّى اهتدى إلينا، وثم استدلّ علينا؟ فقال: إنّ للكرام نشرا تنمّ به نفحاته، وترشد إلى روضة فوحاته، فاستدللت بتأرّج عرفكم، على تبلّج عرفكم، وبشّرني تضوّع رندكم بحسن المنقلب من عندكم. فاستخبرناه حينئذ عن لبانته، لنتكفّل بإعانته.

***

عاف: طالب معروف. إسعاف: قضاء حاجتي. الشفيع: الطالب لغيره، يقول:


(١) الأبيات في سقط الزند ص ١١٣٢.
(٢) البيت في سقط الزند ص ١٣٥١.

<<  <  ج: ص:  >  >>