للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يتفاضل الانشاء، وأنّ الفضل بيد الله يؤتيه من يشاء. ثمّ اعتلق كلّ منّا بذيله، وفلذ له فلذة من نيله، فأبى قبول فلذتي، وقال: لست أزرأ تلامذتي.

فقلت له: كن أبا زيد، على شحوب سحنتك، ونضوب ماء وجنتك، فقال:

أنا هو على نحولي وقحولي، وقشف محولي، فأخذت في تثريبه، على تشريقه وتغريبه.

***

صدع: كشف وشقّ.

الفريدة: التي لا مثل لها.

أملوحته، يريد بها الرسالة، والأملوحة: الكلام المليح، يعجب له السامع.

والإنشاء: الكتابة.

فلذ: قطع فلذة: قطعة، وأصلها قطعة من كبد البعير.

قال الشاعر: [البسيط]

تكفيه حزّة فلذ إن ألمّ بها ... من الشّواء ويروي شربه الغمر (١)

نيله: عطائه. أرزأ: أنقص.

والتلميذ: هنا متعلم العلم، ولذلك أبى أن يأخذ منه شيئا، وهو في كلّ مقامة إذا تعرّض للكدية يفرده بالأخذ منه، أو يبتدئ التقدير منه، وذلك أنّ الجماعة في هذه المقامة اشترطوا مناظرته، وابن همام شرط أنّه من نظّارة الحرب، أي إنّما جلس لينظر ويتعلّم، فلهذا أخذ منهم وتركه، وزاده فائدة التنبيه على أنه أبا زيد، ولذلك قال له: كن أبا زيد، وكن أتى به بلفظ الأمر، ومعناه الدعاء، وفي الحديث: «كن أبا ذرّ» و «كن أبا خيثمة» (٢)، وذلك أن النبيّ صلى الله عليه وسلم رأى شخصا من بعيد، فرجا أن يكون أبا ذرّ الغفاري، فقال: «كن أبا ذرّ» أي جعلك الله أبا ذرّ، فكان ما رجاه النبيّ صلى الله عليه وسلم،


(١) يروى صدر البيت:
تغنيه حذّة فلذ إن ألمّ بها
وهو لأعشى باهلة في لسان العرب (حذذ)، (حزز) وجمهرة اللغة ص ٥٦، ٩٦، ٦٩٩، ٧٨١، وتاج العروس (حذذ)، (غمر)، (حزز)، وتهذيب اللغة ٨/ ١٢٩، ١٤/ ٤٣٢، وديوان الأدب ١/ ١٨٠، وبلا نسبة في لسان العرب (حذذ)، (فلذ)، وجمهرة اللغة ص ٥١٠، ومقاييس اللغة ٤/ ٣٩٤، ٤٥٠، وكتاب العين ٤/ ٤١٦، وأساس البلاغة (غمر).
(٢) رواه ابن الأثر الجزري في النهاية في غريب الحديث ٤/ ٢١١، بلفظ: في حديث توبة كعب «رأى رجلا يزول به السراب فقال: كن أبا خيثمة» أي صر، ومنه حديث عمر: أنه دخل المسجد فرأى رجلا بذّ الهيأة فقال: «كن أبا مسلم» يعني الخولاني.

<<  <  ج: ص:  >  >>