لما تبدّت من الأستار قلت لها ... سبحان سبحان ربّي خالق الصّور
ما كنت أحسب شمسا غير واحدة ... حتى رأيت لها أختا من البشر
كأنها هي إلا إن يفضّلها ... حسن الدلال وطرف فاتر النظر
وقال أعرابي: [الطويل]
إذا حجبت لم يكفك البدر فقدها ... وتكفيك فقد البدر إن فقد البدر
وحسبك من خمر تقوتك ريقها ... وو الله ما من ريقها حسبك الخمر
وما الصّبر عنها إن صبرت وجدته ... جميلا، وهل في مثلها يحسن الصبر!
ولو أن جلد الذّرّ لامس جلدها ... لكان للمس الذّرّ في جلدها أثر
وقال العباس بن الأحنف: [البسيط]
تاهت علينا بأن تمّت محاسنها ... خود تكمّل في أعطافها الفتن (١)
هممت بإتياننا حتى إذا نظرت ... إلى المرآة نهاها وجهها الحسن
ما كان هذا جزائي من محاسنها ... أغرت بي الشّوق حتى شفّني الشّجن
وقال بشار: [الخفيف]
درّة حيثما أديرت أضاءت ... ومشمّ من حيثما شمّ فاحا
وجنات قال الإله لها كو ... ني فكانت روحا روحا وراحا
وله أيضا: [البسيط]
كأنها يوم راحت في محاسنها ... قارتجّ أسفلها واهتزّ أعلاها
حوراء جاءت من الفردوس مقبلة ... بالشمس طلعتها والمسك ريّاها
راحت ولم تعطه برءا لملّته ... عنها ولو سألته النّفس أعطاها
من اللواتي اكتست بردا فشقّ لها ... من حسنها الحسن سربا لإفردّاها
وقال السّلامي: [الطويل]
وفيهنّ سكرى اللّحظ سكرى من الصّبا ... يعاتب حلو اللفظ حلوا الشّمائل
أدارت علينا من سلاف خدودها ... كئوسا وغنّتنا بصوت الخلاخل
وقال أيضا [البسيط]
لبّيك لبّيك داعي اللهو من كثب ... إلى معاطف كالأغصان من كثب
إن السّوالف كالسوسان في صعد ... إنّ الغدائر كالخلخال في صبب
(١) الأبيات في ديوان العباس بن الأحنف ص ٢٨٠.