إلى خدود بنات الروم قد برزت ... من حجبها وأدارت أعين العرب
من كلّ سافرة عن مشرق خجلا ... فيه طرازان من ماء ومن لهب
واستضحكت عن لآل أو حصى برد ... يكاد بقطر من مائية الشّنب
تحدو بها فتية صيغت وجوههم ... من الرّضا وعواليهم من الغضب
وللأمير تميم بن المعز: [البسيط]
ناولتها شبة خدّيها معتّقة ... صرفا كأنّ سناها ضوء مقباس
فقبّلتها وهي ضاحكة ... فكيف تهدى خدود النّاس للناس
قلت اشربي فهي دمعي، وحمرتها ... دمي، وطابخها في الكأس أنفاسي
قالت فإن كنت من حبي بكيت دما ... فأسقنيها على العينين والرّأس
يا ليلة بات فيها البدر معتنقي ... وباتت الشمس فيها بعض جلّاسي
وبتّ مستغنيا بالثغر عن قدح ... وبالخدود عن التّفاح والآس
وقال أيضا: [البسيط]
قالت وقد نالها للبين أوجعه ... والبين صعب على الأحباب موقعه
اجعل يديك على قلبي فقد ضعفت ... قواه عن حمل ما تحويه أضلعه
واعطف عليّ المطايا ساعة فعسى ... من شتّ شمل الهوى بالوصل يجمعه
كأنني يوم ولّت حسرة وأسى ... غريق بحر يرى الشّاطي ويمنعه
وقال التهامي: [البسيط]
أهدى لنا طيفها نجدا وساكنه ... حتى اقتنصنا ظباء البدو في الحضر
فبات يجلو لنا من وجهها قمرا ... من البراقع لولا كلفة القمر
وراعها حرّ أنفاسي فقلت لها: ... هواي نار وأنفاسي من الشرر
وزاد درّ الثنايا درّ أدمعها ... فالتفّ منتظم منه بمنتثر
ولو قدرت وثوب الليل منخرق ... بالصبح رقّعته منهن بالشّعر
بيضاء يسحب ليلا حسنه أبدا ... في الطّول منه وحسن الليل في القصر
لو لم يكن أقحوانا ثغر مبسمها ... ما كان يزداد طيبا ساعة السّحر
ولبعض أصحابنا: [الطويل]
شدهت فلا أدري بأيّ صفاتها ... تقيّد ألباب الورى وتقودها
وأي لآليها أشدّ نفاسة ... أمنطقها أم ثغرها أم عقودها!
فللشمس مرآها، وللغصن قدّها، ... وللمسك ريّاها، وللرّيم جيدها