للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وكتب إليه صاحب فارس أن بيوت النار خمدت تلك الليلة، ولم تخمد قبل ذلك بألف سنة.

فلما تواترت عليه الكتب، أظهر سريره، وبرز إلى أهل مملكته، فأخبرهم الخبر، فقال الموبذان: أيها الملك إني رأيت تلك الليلة رؤيا هالتني، رأيت إبلا صعابا، تقود خيلا عرابا، حتى اقتحمت دجلة وانتشرت في بلادنا.

قال: فما عندك في تأويلها؟ قال: ما عندي شيء، ولكن أرسل إلى عاملك بالحيرة يوجّه إليك رجلا من علمائهم فإنهم أصحاب علم بالحدثان. فبعث إليه، فوجّه عبد المسيح بن بقيلة الغساني، فأخبره كسرى بالخبر فقال: أيها الملك، ما عندي فيها شيء، ولكن جهّزني إلى الشأم إلى خالي سطيح. فجهّزه، فلما قدم عليه وجده قد احتضر، فناداه فلم يجبه، فقال: [الرجز]

أصمّ أم يسمع غطريف اليمن ... رسول قيل العجم يهوي للوثن

يا فاصل الخطّة أعيت من ومن ... أتاك شيح الحيّ من آل سنن

* أبيض فضفاض الرّداء والرّسن* (١)

فرفع إليه سطيح رأسه، وقال: عبد المسيح، على جمل مشيح، أقبل إلى سطيح، وقد أوفى على الضريح بعثك ملك بني ساسان، لارتجاج الإيوان، وخمود النيران، ورؤيا الموبذان؛ رأى إبلا صعابا، تقود خيلا عرابا، حتى اقتحمت الواد، وانتشرت في البلاد.

عبد المسيح، إذا ظهرت التلاوة، وغاض وادي السماوة، وظهر صاحب الهراوة، فليست الشام لسطيح بشام، يملك منهم ملوك وملكات، بعدد ما سقط من الشرفات، وكلّ ما هو آت آت، ثم قال: [البسيط]

إن كان ملك بني ساسان أفرطهم ... فإن ذا الدهر طورا دهارير (٢)


(١) الرجز لعبد المسيح الغساني في لسان العرب (سطح)، (فود)، (زلم)، وتهذيب اللغة ٤/ ٢٧٧، وهو في حديث سطيح في تاج العروس (فود)، (عنن)، (منن)، وبلا نسبة في لسان العرب (فوز)، (غطرف)، (عنن)، (منن).
(٢) يروى صدر البيت الأول:
إن يمس ملك بني ساسان أفرطهم
وهو لعبد المسيح الغساني في لسان العرب (سطح) وتهذيب اللغة ٤/ ٢٧٨. ٦/ ١٩٥. ولسطيح في لسان العرب (فرط)، وبلا نسبة في تاج العروس (دهر)، ويروى صدر البيت الثاني:
منهم أخو الصرح بهرام وإخوتهم
وهو لعبد المسيح في لسان العرب (سطح)، وتهذيب اللغة ٤/ ٢٧٨، ويروى البيت الثالث:
فربما ربما أضحوا بمنزلة ... تخاف صولهم الأسد المهاصير
وهو لعبد المسيح في لسان العرب (سطح)، وبلا نسبة في لسان العرب (هصر)، وتاج العروس (هصر)، وفيهما «الهواصير» بدل «المهاصير».

<<  <  ج: ص:  >  >>