للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ثم تحثحثنا للارتحال، إلى ملقى الرّحال، فالتفت أبو زيد إلى شبله، وكان على شاكلته وشكله، وقال: إنّي لإخال أبا عمرة، قد أضرم في أحشائهم الجمرة، فاستدع أبا جامع، فإنّه بشرى كلّ جائع، وأردفه بأبي نعيم، الصّابر على كلّ ضيم، ثمّ عزّز بأبي حبيب المحبّب إلى كلّ حبيب، المقلب بين إحراق وتعذيب، وأهب بأبي ثقيف، فحبّذا هو من أليف، وهلمّ بأبي عون، فما مثله من عون، ولو استحضرت أبا جميل، لجمّل أيّ تجميل.

***

قوله: «السّنة»، النوم، الهجود: الرقاد. باخ: سكن حرّه. تحثحثنا، أي تحرّكنا.

ملقى الرحال: موضعها. شبله: ولده. شاكلته: طريقته. شكله: مثله، وتكون الشاكلة والشكل واحدا وجمع الشكل أشكال وشكول.

إخال: أحسب، وكنّى الجوع أبا عمرة، لأنه يعمر كلّ جوف؛ قيل لمدني: أتعرف أبا عمرة؟ قال: كيف لا أعرفه وقد تربع في كبدي.

وقال الراجز: [الرجز]

حلّ أبو عمرة وسط حجزتي ... وحلّ نسج العنكبوت برمتي (١)

أضرم: أوقد، وكنّى الخوان- وهو المائدة- أبا جامع للاجتماع حوله للأكل.

وأردفه: جيء به خلفه، وكنى الحوّاري، وهو الدرمك أبا نعيم، لأن خبزه أنعم الأخباز وأصفاها.

الضّيم: الذلّ، وجعله صابرا على كل ذلّ، لأنه لا يصل من صورة البر إلى الخبز إلا بعد علاج شديد، وتغير له من حال إلى حال.

وفسر معنى أبي حبيب بقوله: المحبب إلى كل لبيب. وقوله: المقلّب بين إحراق وتعذيب، يريد أنّ ما ولي من الجدي النار وقت شبّه احترق، وما لم يلها أدركه حرّها فأنضجه وأسال ودكه، فذلك تعذيبه.

أهب: ادع به وصح به.

وكنّى الخل أبا ثقيف لأنه يثقف الطعام، أي يحذقه فيطيب للأكل.

أليف: صاحب، وإنما قال: حبذا هو من صاحب، لقوله صلّى الله عليه وسلم: «نعم الإدام الخل» (٢).


(١) الشطر الثاني من الرجز بلا نسبة في المخصص ١٢/ ٢٨٨.
(٢) أخرجه أبو داود في الأطعمة باب ٣٩، والنسائي في الأيمان باب ٢١، وابن ماجة في الأطعمة باب ٣٣، والدارمي في الأطعمة باب ١٨.

<<  <  ج: ص:  >  >>