حكى أبو زياد الكلابي، قال: كان عندنا أبو الغريب شيخا فتزوّج ولم يولم، فاجتمعنا على باب خبائه فصحنا: أولم ولو بيربوع، أو بقرد مجذوع، قتلتنا من الجوع:
فأولم، فلما عرّس غدونا عليه فقلنا: [الرجز]
يا ليت شعري عن أبي الغريب ... إذ بات في مجاسد وطيب
معانقا للرشإ الرّبيب ... أأخمد المحفار في القليب
* أم كان رخوا يابس القضيب*
فصاح: يابس القضيب والله! ثم أنشأ يقول: [البسيط]
سقيا لعهد خليل كان يأدم لي ... زادي ويذهب عن زوجاتي الغضب
كان الخليل فأضحى قد تخوّنه ... مرّ الزمان وتطعاني به الثّقب
يا صاح أبلغ ذوي الزوجات كلّهم ... أن ليس وصل إذا انحلّت عرا الذّنب
والقوافي وقعت في لفظ يعقوب موقوفة. وعرا الذنب: عروق الذكر.
وكان أبو البيداء الأعرابيّ عنّينا، وكان يتجلّد ويقول لقومه: زوّجوني امرأتين، فيقولون: أما واحدة كفاية! فيقول: أمّا لي فلا، فزوّجوه أعرابيّة، وقالوا له: إن كفتك وإلا زوّجناك الأخرى، فدخل بها، وأقام عليها أسبوعا فزاره إخوانه في اليوم السابع، فقالوا له: يا أبا البيداء، ما كان من أمرك في الأوّل؟ فقال: عظيم جدا، فقالوا: ففي اليوم الثاني، فقال أعظم وأجلّ، قالوا: ففي اليوم الثالث، قال؛ لا تسألوا، فقالت امرأته من وراء السّتر: [الكامل]
كان أبو البيداء ينزو في الوهق ... حتى إذا ما حلّ في بيت أفق
فيه غزال حسن الدّل خرق ... مارسه حتى إذا ارفضّ العرق
* تكسر المفتاح وانسدّ الغلق*
الوهق: حبل يفتح فيه عين واسعة تؤخذ بها الدابة، والأفق الجيد. وينزو: يمتدّ ويقصر.
وتزوّج الفرزدق بامرأة من مجاشع، فعجز عنها فقال: [البسيط]
يا لهف نفسي على نعظ فجعت به ... حين التقى الرّكب المحلوق والرّكب (١)
ما أبعد ما بين حالته هذه وبينها وقد لقيته جارية، فنظرها نظرا شديدا، فقالت له:
ما لك تنظر، فو الله لو كان لي ألف حر ما طمعت في واحد، قال: ولم يا لخناء؟ قالت:
لقبح منظرك وسوء مخيرك فيما أرى، فقال لها: أما والله لو خبرتني لغفر مخبري على
(١) البيت للفرزدق في تاج العروس (ركب) وليس في ديوانه، وفي التاج «بالركب» بدل «والركب».