منظري، ثم كشف لها وأراها مثل ذراع البكر، فكشفت له عن مثل سنام البعير، فتسنّمها، وقال: [السريع]
أدخلت فيها كذراع البكر ... مدملج الرأس شديد الأسر
زاد على شبر ونصف شبر ... كأنما أولجته في جمر
وسمع بشار كلام امرأة، فأحبّها وأرسل لها أن تواصله، وألحّ عليها، فقالت لرسوله؛ أي معنى له فيّ أولي فيه، وهو أعمى لا يراني، فيعرف جمالي، وهو قبيح الوجه لا حظّ لي فيه! فليت شعري لأيّ شيء يطلب وصال مثلي! فأدّى إليه الرسول كلامها، فقال عد إليها فقل لها: [الكامل]
أيري له فضل على آيارهم ... وإذا أشطّ سجدن غير أوابي (١)
تلقاه بعد ثلاث عشرة قائما ... نظر المؤذن شكّ يوم سحاب
وكأنّ هامة رأسه بطّيخة ... حملت إلى ملك بدجلة جابي
وعشق امرأة وتردّد رسوله إليها حتى أبرمها، فشكته إلى زوجها، فقال: أجيبيه وعديه إلى هنا، ففعلت ووجّهت له، فجاء ولم يعرف بزوجها، فقال لها: ما اسمك بأبي أنت وأمي! فقالت: أمامة، فقال: [الكامل]
أمامة قد وصفت لنا بحسن ... وإنا لا نراك فألمسينا
فوضعت يده على أير زوجها، وقد أنعظ لحسن حديثها معه، ففزع ووثب قائما وقال: [الوافر]
عليّ أليّة ما عشت حيّا ... أمسك طائعا إلّا بعود
ولا أهدي لأرض أنت فيها ... سلام الله إلا من بعيد
طلبت غنيمة فوضعت كفّي ... على أير أشدّ من الحديد
فخير منك من لا خير فيه ... وخير من زيارتكم قعودي
فقبض زوجها عليه، وقال: هممت أن أفضحك، فقال: كفاني فديتك ما فعلت بي، والله لا أعود لمثلها أبدا.
سمع الحكم بن عبدل امرأة تتمثل بقوله: [الطويل]
وأعسر أحيانا فتشتدّ عسرتي ... فأدرك ميسور الغنى ومعي عرضي
فقال لها: يا أخيّة، أتعرفين قائل هذا الكلام؟ قالت: هو ابن عبدل، قال: أفتعرفينه عينا؟ فقالت: لا، والله، فقال: أنا هو، والذي أقول: [الطويل]
(١) الأبيات في الأغاني ٣/ ٢٠٢.