وكثيرا ما تصرّف الشعراء في ذكر عصا موسى عليه السلام على أغراضهم، فمنها ما يحسن ومنها ما يقبح. وقال ابن سارة: [البسيط]
ولي عصا من طريق الذمّ أحمدها ... بها أقدّم في تأخيرها قدمي
كأنّها وهي في كفّي أهشّ بها ... على ثمانين عاما لا على غنمي
كأنني قوس رام وهي لي وتر ... أرمي عليها سهام الشّيب والهرم
وقال أبو بكر البلويّ: [الطويل]
كأنّ يميني حين حاولت بسطها ... لتوديع إلفي والهوى يصرف الدّمعا
يمين ابن عمران وقد حاول العصا ... وقد جعلت تلك العصا حيّة تسعى
قال ابن رشيق: كنت أميل إلى قينة اسمها ليلى، فعشقها بعض خدّام الحصون، وكان يحسب خدمتها وكنسها منزله لا يثلم جاه متوليها فنهيته عنها فلم ينته، فقلت فيه: [الخفيف]
ظنّ أنّ الحصون ملك سليما ... ن وليلى بجهله بلقيسا
وله في العصا مآرب أخرى ... حاش لله أن تكون لموسى
وقال الصابي: [الكامل]
يبدي اللّواط مغالطا وعجانه ... أبدا لأغراض الورى يستهدف
فكأنه ثعبان موسى إذ غدا ... لحبالهم وعصيّهم يتلقّف
وقال الصاحب: [السريع]
هذا ابن متّويه له آية ... يبتلع الأير وأقصى الخصى
يكفر بالرسل جميعا سوى ... موسى بن عمران لأجل العصا
وقال أبو الفرج الأصبهاني في القاضي الأيذجي، والشمس منه عكازة فلم يعطها إيّاه: [البسيط]
اسمع حديثي تسمع آية عجبا ... لا شيء أعجب منه يبهر القصصا
طلبت عكازة للرّجل تحملني ... ورمتها عند من يخفي العصا فعصى
وكنت أحسبه يهوى عصا عصب ... ولم أكن خلته صبّا بكل عصا
ولما قدم قتيبة بن مسلم واليا على خراسان سقطت المخصرة من يده، فتطيّر به أهل خراسان، فقال: يا أهل خراسان ليس كما ظننتم، ولكن كما قال الشاعر: [الطويل]
فألقت عصاها واستقرّ بها النّوى ... كما قرّ عينا بالإياب المسافر
وأما قول الشاعر: [الطويل]
وبكفيك ألّا يرحل الضيف لائما ... عصا العبد والبئر الّتي لا تميهها