لسان النّار، وإنما تعجّبت منه لأنه قد عرفه وأعلمه أنه قد عرف مكره حين قال له:
أرصده، ثم ستر عليه، وأهل الشرق يتختّمون ويتصدقون بخواتمهم. وفي البديعية بعد تشك تقدم من أبي الفتح: قال ابن هشام: فو الله ما أنسني عن وحدتي إلا خاتم ختمت به خنصره، فلما تناوله أنشأ يقول: [الكامل]
وممنطق من نفسه ... بقلادة الجوزاء حسنا
متألف من غير أس ... رته على الأيام خدنا
كمتيّم لقي الحبي ... ب فضمّه شغفا وحزنا
علق سنيّ قدره ... لكنّ من أهداه أسنى
أقسمت لو كان الورى ... في المجد لفظا كنت معنى
قال: فتبعته حتى سفرت الخلوة وجهها، فإذا والله أبو الفتح، والطلا زغلوله، فقلت أبا الفتح، شبت وشبّ الغلام، فأين الكلام، وأين السلام؟ فقال: [المتقارب]
غريبا إذا جمعتنا الطريق ... ألوفا إذا نظمتنا الخيام
قوله، يسعى، أي يسرع المشي. قدما: أي قدامه وقبالته. يهرول: يسرع، والهرولة جري بين المشي والعدو. قدما، أي قديما وأوّلا، ومعناها كما فعل في أول مرة حين سعى قدما.
***
فنزعت إلى عرفان ميّته، وامتحان دعوى حميّته، فقرعت ظنبوبي، وألهبت ألهوبي، حتى أدركته على غلوة، واجتليته في خلوة، فأخذت بجمع أردانه، وعقته عن سنن ميدانه، وقلت له: والله ما لك منّي ملجأ ولا منجى، أو ترينّي ميّتك المسجّى، فكشف عن سراويله، وأشار إلى غرموله. فقلت له: قاتلك الله! فما ألعبك بالنّهي، وأحيلك على اللهي! ثم عدت إلى أصحابي عود الرّائد الذي لا يكذب أهله، ولا يبرقش قوله، فأخبرتهم بالذيرأيت وما ورّيت ولا راءيت، فقهقهوا من كيت وكيت، ولعنوا ذلك الميت!
***
نزعت: اشتقت. امتحان: تجربة. قرعت: ضربت. ظنبوب: مقدّم عظم الساق، ويقال: قرع لهذا الأمر ظنبوبه، إذا أسرع وجدّ فيه، ويبيّنه قول سلامة بن جندل: [البسيط]
كنا إذا أتانا صارخ فزع ... كان للصّراخ له قرع الظنابيب (١)
(١) البيت لسلامة بن جندل في ديوانه ص ١٢٣، ولسان العرب (ظنب)، (فزع)، ومجمل اللغة ٣/-