وغاب قمير كنت أرجو غيوبه ... وروّح رعيان وهوّم سمّر
وخفّض عني الصوت أقبلت مشية ال ... حباب وركنى خيفة القوم أزور
ثبت في الكتب الصحاح ضم الحاء وقول الأعرابيّ: [الوافر]
من المتصدّيات لغير سوء ... تسيل إذا مشت سيل الحباب
يروى بالفتح والضم. وابن الإفليلي يأبى إلا الضم.
وقال أبو القاسم بن هانئ فجمع بين التشبيهين: [الكامل]
قامت تميس كما تدافع جدول ... وانساب أيم في نقا يتهيّل
وأتت تزجّي ردفها بقوامها ... فتأطّر الأعلى وماج الأسفل
وقال آخر ورفع الاحتمال: [السريع]
لما دنا الليل بأرواقه ... ولاحت الجوزاء والمرزم
أقبلت والوطء خفيف كما ... ينساب في مكمنه الأرقم
وما أحسن قول ابن شهيد في معناه: [المتقارب]
ولمّا تمكن من سكره ... ونام ونامت عيون العسس
دنوت إليه على رقبة ... دنوّ محبّ درى ما التمس
أدبّ إليه دبيب الكرى ... وأسمو إليه سموّ النّفس
أقبّل منه بياض الطّلى ... وأرشف منه اللّمى واللّعس
***
فلمّا تورّكنا على المطيّة الدهماء، وتبطنّا الوليّة الماشية على الماء، ألفينا بها شيخا عليه سحق سربال، وسبّ بال، فعافت الجماعة محضره. وعنّفت من أحضره، وهمّت بإبرازه من السّفينة، لولا ما ثاب إليها من السّكينة؛ فلمّا لمح منّا استثقال ظلّة، واستبراد طلّه، تعرّض للمنافثة فصمّت، وحمدل بعد أن عطس فما شمّت.
***
قوله: المطية الدهماء، هي السفينة السوداء. وتورّكناها: قعدنا عليها متكئين.
وتبطّنا: دخلنا بطنها. الوليّة المطيعة. وأوهم لقول الناس: فلان وليّ يمشي على الماء، فلما كانت مطيعة لخدامها ماشية على الماء سماها وليّة. ألفينا: وجدنا. سحق سربال، أي قميص خلق. والسّب: الخمار. فيريد أنّ عليه مئزرا أو خمارا باليا، والمئزر كالخمار