للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

والمكروه، فتزوّجت أمه، كيف تكتب إليه؟ تهنيه أو تعزيه؟ قلت: والله لا أدري، وهو بالتعزية أولى، قال: صدقت، فكيف تعزيه؟ قلت: والله لا أدري وهو بالتعزية أولى، قال: صدقت، فكيف تعزيه؟ قلت: والله لا أدري.

قال: فلست بكاتب رسائل: فأيهم أنت؟ قلت: كاتب خراج، قال: فما تقول وقد ولّاك السلطان عملا، فجاء قوم يتظلّمون من بعض عمالك، فأردت أن تنصفهم، وكنت تحب العدل وتؤثر حسن الأحدوثة، وكان لأحدهم قراح (١) فأردت مساحته؟ قلت:

أضرب العطوف في العمود. قال: إذن تظلم الرجل، قلت: فأمسح العمود على حدة، والعطوف على حدة، قال: إذن تظلم الناس، قلت: والله فما أدري؟ قال: فلست بكاتب خراج، فأيهم أنت؟ قلت: كاتب جند.

فقال: فما تقول في رجلين اسم كل واحد منهما أحمد، أحدهما مقطوع الشفة العليا، والآخر مقطوع السفلى كيف تكتب عليهما؟ قلت: أكتب أحمد الأعلم وأحمد الأعلم. قال: وكيف ورزق هذا مائة درهم ورزق الآخر ألف درهم، فيقبض هذا على دعوة هذا، فتظلم صاحب الألف، قلت: والله ما أدري! قال: فلست بكاتب جند، فأيهم أنت؟ قلت: كاتب قاض.

قال: فما تقول في رجل توفّي وخلّف زوجة وسرّية، وللزوجة بنت وللسّريّة (٢) ابن، فتنازعتا فيه، فقالت كلّ واحدة منهما هذا ابني وقالت واحدة هذا ابني، كيف تحكم بينهما وأنت خليفة القاضي! قلت: والله ما أدري؟ قال: فلست بكاتب قاض، قال: فأيّهم أنت؟ قلت: كاتب شرطة.

قال: فما تقول في رجل وثب على رجل، فشجّه شجّة موضحة (٣)، فوثب عليه المشجوج فشجّه شجّة مأمومة (٤)، فقلت: لا أعلم، وقد سألت ففسّر لي ما ذكرت.

قال: أما الرجل الذي تزوّجت أمه، فتكتب إليه: أما بعد فإنّ أحكام الله تعالى تجري بغير محابّ المخلوقين، والله يختار للمخلوق، فخار الله لك في قبضها إليه، فإن القبر أكرم لها، والسلام.

قال: وأما القراح فتضرب واحدا في واحد في مساحة العظوف، فتمّ بابه.

قال: وأما المقطوع العليا فتكتب عليه أحمد الأعلم، وعلى المقطوع السفلى أحمد الأشرم، وأما المرأتان فيوزن لبنهما، فأيتهما كان لبنها أخفّ فهي صاحبة البنت. وفي الموضحة خمس من الإبل، وفي المأمومة ثمانية وعشرون.


(١) القراح: المزرعة ليس فيها بناء ولا شجر.
(٢) السرية: المملوكة يتسراها صاحبها.
(٣) الموضحة: الضربة التي بلغت العظم.
(٤) المأمومة: الضربة التي بلغت أم الرأس.

<<  <  ج: ص:  >  >>