للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فطوبى لعبد آثر الله ربه ... وجاد بدنياه لما يتوقّع

وهذا مثل قول أعرابيّ وقد قيل له: كيف أنت في دينك؟ فقال: أخرقه بالمعاصي، ولا أرقّعه بالاستغفار.

وللأعمى التطيليّ: [البسيط]

تنافس الناس في الدّنيا وقد علموا ... أن سوف تقتلهم لذاتهم بددا

قل للمحدّث عن لقمان أو لبد ... لم يترك الدهر لقمانا ولا لبدا

وللذي همّه البنيان يرفعه ... إن الردى لم يغادر في الثّرى أحدا

ما لابن آدم لا تفنى مطالبه ... يرجو غدا وعسى ألّا يعيش غدا

تأمل هذه المقاطع فإنها تضمنت حكما وآدابا وكل قطعة منها لها تعلّق بشعر الحريري إما باللّفظ أو بالمعنى.

***

فقال الوالي: ثمّ ماذا، صنع هذا؟ فقال: أقدم للؤمة في الجزاء، على أبياتي السّداسيّة الأجزاء، فحذف منها جزءين، ونقص من أوزانها وزنين؛ حتّى صار الرّزء فيها رزءين. فقال له: بيّن ما أخذ، ومن أين فلذ؟ فقال: أرعني سمعك، وأخل للتّفهم عنّي ذرعك؛ حتّى تتبيّن كيف أصلت عليّ، وتقدّر قدر اجترامه إليّ، ثم أنشد، وأنفاسه تتصعّد: [مجزوء الكامل]

يا خاطب الدنيا الدنيّ ... ة إنّها شرك الرّدى

دار متى ما أضحكت ... في يومها أبكت غدا

وإذا أطلّ سحابها ... لم ينتفع منه صدى

غاراتها ما تنقضي ... وأسيرها لا يفتدى

كم مزده بغرورها ... حتّى بدا متمرّدا

قلبت له ظهر المجنّ ... وأولغت فيه المدى

فاربأ بعمرك أن يمرّ ... مضيّعا فيها سدى

واقطع علائق حبّها ... وطلابها تلق الهدى

وارقب إذا ما سالمت ... من كيدها حرب العدا

واعلم بأنّ خطوبها ... تفجا ولو طال المدى

<<  <  ج: ص:  >  >>