للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

هذين البيتين، فقال جرير: أما علمت أن شيطاننا واحد.

ومرّ رجل بالفرزدق بالمربد فقال: من أين أقبلت؟ قال: من اليمامة، قال: فأيّ شيء أحدث ابن المراغة؟ فأنشده: [الكامل]

* هاج الهوى لفؤادك المهتاج*

فقال الفرزدق: [الكامل]

* فانظر بتوضح باكر الأحداج*

فقال الرجل: [الكامل]

* هذا هوى شغف الفؤاد مبرّح*

فقال الفرزدق: [الكامل]

* ونوى تقاذف غير ذات حلاج*

فقال الرجل: [الكامل]

* إنّ الغراب بما كرهت لمولع*

فقال الفرزدق: [الكامل]

* بنوى الأحبّة دائم التشحاج*

فقال الرجل: هكذا والله قال: أفسمعتها من غيري؟ قال: لا ولكن هكذا ينبغي أن يقال، فقال: أما علمت أن شيطاننا واحد.

ودخل الفرزدق على امرأة من عقيل فحدّثها، وأقبل فتى من قومها كانت تألفه، فدخل فأقبلت عليه تحدّثه، وتركت الفرزدق، فغاظه ذلك، وقال للفتى: أتصارعني؟

قال: ذلك إليك فقام الفرزدق فلم يلبث أن أخذه الفتى مثل الكرة فصرعه، وجلس على صدره، فضرط الفرزدق، فوثب الفتى عنه وقال: هذا مقام العائذ بك، والله ما أردت ما جرى، فقال: والله ما بي ذلك، ولكن كأني بابن المراغة جرير قد بلغه الخبر، فقال:

[الطويل]

جلست إلى ليلى لتحظى بقربها ... فخانك دهر لا يزال خئون

فلو كنت ذا حزم شددت وكاءها ... شدّ خرقا بالدلاص قيون

فلما بلغ الخبر جريرا قال البيتين.

وأمر سليمان بن عبد الملك الفرزدق أن يضرب رقاب أسرى فاستعفاه، فلم يفعل، وأعطاه سيفا لا يقطع فضرب به عنق روميّ فنبا السيف، فضحك سليمان ومن حوله، فجلس وهو يقول: [البسيط]

<<  <  ج: ص:  >  >>