توريد وجنتها إذا ... ما لاح تحت نقابها
وقال أبو بكر الخالدي: [مجزوء الرمل]
فكأن الكأس لمّا ... ضحكت تحت الحباب
وجنة حمراء لاحت ... لك من تحت النقاب
وقال السري في وصف جام فيه فالوذج: [الطويل]
بأحمر مبيضّ الزجاج كأنه ... رداء عروس مشرب بخلوق
له في الحشا برد الوصال وطيبه ... وإن كان تلقاه بلون حريق
كأنّ بياض اللّوز في جنباته ... كواكب درّ في سماء عقيق
وقال أبو بكر الخالدي: [الطويل]
مداما كأنّ الكفّ من طيب نشرها ... وصفرتها قد خلّقت بخلوق
نعاينها نورا علاه تجسّد ... ونشربها نادرا بغير حريق
كأنّ حباب الماء في جنباتها ... كواكب لاحت في سماء عقيق
وقال السري رحمه الله تعالى: [الوافر]
رأت شيبا يصاحبني فصدّت ... وكان جزاؤه منها العبوسا
وقالت إذ رأت للمشط فيه ... سوادا لا يشاكله نفيسا
تلقّ العاج منه بمشط عاج ... ودع للآبنوس الآبنوسا
وقال أبو عثمان أيضا: [الخفيف]
وقفتني ما بين هجر وبؤس ... وانثنت بعد ضحكة بعبوس
ورأتني مشطت عاجا بعاج ... وهي الآبنوس بالآبنوس
وهذا إما توارد أو تسابق، والتسابق أشبه بهم.
***
قال: فكأن الوالي جوّز صدق زعمه، فندم على بادرة ذمّه؛ فظلّ يفكر فيما يكشف له عن الحقائق، ويميّز به الفائق من المائق، فلم ير إلا أخذهما بالمناضلة، ولزّهما في قرن المساجلة، فقال لهما: إن أردتما افتضاح العاطل، واتضاح الحقّ من الباطل، فتراسلا في النّظم وتباريا، وتجاولا في حلبة الإجازة وتجاريا؛ ليهلك من هلك عن بينة، ويحيا من حيّ عن بيّنة؛ فقالا له بلسان واحد، وجوابا متوارد: قد رضينا بسبرك، فمرنا بأمرك.
فقال: إنّي مولع من أنواع البلاغة بالتجنيس، وأراه لها كالرئيس؛ فانظما الآن عشرة