للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فقوله: «حقا» حشو أفاد معنى حسنا، وكذلك قول امرئ القيس: [الطويل]

كأنّ عيون الوحش حول خبائنا ... وأرحلنا الجزع الذي لم يثقّب (١)

فحول خبائنا وأرحلنا لو سقط لكان التشبيه تاما والوزن ناقصا، فأورده حشوا، وفيه زيادة بارعة رائعة، وهي الإخبار عن كثرة الصيد والتمدّح بأنه مرزوق في صيده، وما أحسن قول ابن المعتزّ رحمه الله تعالى: [الطويل]

وخيل طواها السّير حتّى كأنها ... أنابيب سمر من قنا الخطّ ذبّل (٢)

صببنا عليها ظالمين سياطنا ... فطارت بها أيد خفاف وأرجل

فوقع «ظالمين» أحسن موقع لأنه نفى بذلك عنها هجنة البطء، وأخذه من قول أعرابي: [الطويل]

وعود قليل الذنب عاودت ضربه ... إذا هاج شوقي من معاهدها ذكر

وقلت له ذلفاء ويحك سبّبت ... لك الضرب، فاصبر إن عادتك الصّبر

فحسّنه ابن المعتز ما شاء. وأما الحشو القبيح، فكقول أوس بن حجر: [الطويل]

وهم لمقلّ المال أولاد علّة ... وإن كان محضا في العمومة مخولا (٣)

فذكره للمال مع قوله: «مقلّ» حشو لا فائدة فيه، وكذلك قول الهذلي رحمه لله:

[مجزوء الوافر]

ذكرت أخي فعاودني ... صداع الرأس والوصب (٤)

فذكر الرأس مع الصداع حشو لا فائدة فيه، وأهجن منه قول الأعشى: [الكامل]

فرميت غفلة قلبه عن شأنه ... فأصبت حبّة قلبها وطحالها (٥)


(١) البيت في ديوان امرئ القيس ص ٥٣، ولسان العرب (جزع)، وأساس البلاغة (جزع)، وكتاب العين ١/ ٢١٦، وتاج العروس (جزع).
(٢) البيتان في نهاية الأرب ١١/ ٥٩، وديوان المعاني ٢/ ١٠٧.
(٣) البيت لأوس بن حجر في ديوانه ص ٩١، وجمهرة اللغة ص ١٥٦، وشرح ديوان الحماسة للمرزوقي ص ٢٩٦، ومعاهد التنصيص ١/ ١٣٥، وكتاب الصناعتين ص ٣٥، ١٠٨، وبلا نسبة في لسان العرب (علل) وتاج العروس (علل).
(٤) يروى البيت:
ذكرت أخي فعاودني ... رداع السّقم والوصب
والبيت لأبي العيال الهذلي في شرح أشعار الهذليين ص ٤٢٤، وتهذيب اللغة ٢/ ٢٠٤، ولسان العرب (ردع)، وفيه «والوصب» بدل «والوصب» وهذا خطأ، والبيت من قصيدة مضمومة الروي.
(٥) يروى صدر البيت:
فرميت غفلة عينه عن شاته

<<  <  ج: ص:  >  >>