للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وأدلج من الملوك، ورفع له الشمع، وكان من أفضل ملوك العرب رأيا، وأظهرهم حزما، وهو أوّل من استجمع الملك له بأرض العراق، وغزا بالجيوش، وكان به برص، فكنّت العرب عن البرص إعظاما فقالت له: جذيمة الوضّاح، وجذيمة الأبرش.

وكان عزا طسما وجديسا في منازلهم، فصادف حسان بن تبّع، قد أغار عليهما، فانصرف جذيمة. وصادفت خيول تبع سرّية له فقتلوهم، فبلغ الخبر جذيمة فقال: [المديد]

ربّما أوفيت في علم ... ترفعن ثوبي شمالات (١)

في فتوّ أنا كالئهم ... من بلايا غزوة ماتوا

ليت شعري ما أماتهم ... نحن أسرينا وهم باتوا

وكان جذيمة قد تنبّأ وتكهّن، واتخذ صنمين، وسماهما الضيزنين، ومكانهما بالحيرة معروف.

وغزا إيادا بعين أباغ، فبعثوا قوما منهم سرقوا منهم الضيزنين، وأصبحوا بهما في إياد، فأرسلوا إليه: إن صنميك أصبحا عندنا، زهدا فيك ورغبةفينا، فأعطنا عهدا ألا تغزونا، ونردهما إليك. ففعل.

وكان بلغه أن غلاما من لخم يسمى عديّ بن نصر مقيم في أخواله من إياد، وله ظرف ولبّ وأنه لحسن أن ينادم الملك، ويقوم بمجلسه. فاشترط على إياد أن يبعثوا مع الصنمين بعديّ بن نصر، وكان له جمال وظرف، فدفعوه إليه معهما فضمّه إلى نفسه.

وكان ينادمه ويسقيه فتعشّقته رقاش أخت جذيمة، فبعثت إليه: إذا سقيت أخي واستنشى، فاخطبني لك، وأشهد عليه، ففعل فلما طرب جذيمة خطبها، فأنعم عليه، وأشهد عليه، فقال له: عرّس بأهلك، ففعل، فلما أصبح غدا على جذيمة مضرّجا بالطّيب، فقال له:

ما هذه الآثار؟ فقال: آثار العرس، قال: وأيّ عرس؟ قال: عرس رقاش، فأكبّ جذيمة على الأرض، وفرّ عديّ، وطلبه جذيمة فلم يدركه. وقيل: ظفر به. وقال لرقاش:

[الخفيف]


(١) البيت الأول لجذيمة الأبرش في الأزهية ص ٩٤، ٢٦٥، والأغاني ١٥/ ٢٥٧، وخزانة الأدب ١١/ ٤٠٤، والدرر ٤/ ٢٠٤، وشرح أبيات سيبويه ٢/ ٢٨١، وشرح التصريح ٢/ ٢٢، وشرح شواهد الإيضاح ص ٢١٩، وشرح شواهد المغني ص ٣٩٣، والكتاب ٣/ ٥١٨، ولسان العرب (شيخ)، (شمل)، والمقاصد النحوية ٣/ ٣٤٤، ٤/ ٣٢٨، وأوضح المسالك ٣/ ٧٠، ورصف المباني ص ٣٣٥، وشرح الأشموني ٢/ ٢٩٩، وشرح التصريح ٢/ ٢٠٦، وشرح المفصل ٩/ ٤٠، وكتاب اللامات ص ١١١، ومغني اللبيب ص ١٣٥، ١٣٧، ٣٠٩، والمقتضب ٣/ ١٥، والمقرب ٢/ ٧٤، وهمع الهوامع ٢/ ٣٨، ٧٨، والبيت الثاني لجذيمة الأبرش في طبقات فحول الشعراء ص ٣٨، ولسان العرب (فتا)، وبلا نسبة في سر صناعة الإعراب ص ٥٨٨، وكتاب اللامات ص ١١٢، والممتع في التصريف ص ٥٥١.

<<  <  ج: ص:  >  >>