وأما الموطن الذي يلبس فيه الذّكران براقع النسوان، وتبرز فيه ربّات الحجال بعمائم الرجال، فهو أوّل مراتب العدد المضاف، وذلك بين الثلاثة إلى العشرة، فإنه يكون مع المذكّر بالهاء، ومع المؤنث بحذفها، كقوله تعالى: سَخَّرَها عَلَيْهِمْ سَبْعَ لَيالٍ وَثَمانِيَةَ أَيَّامٍ [الحاقة: ٧] والهاء في غير هذاالموطن من خصائص المؤنث، كقولك:
قائم وقائمة وعالم وعالمة، فقد رأيت كيف انعكس في هذا الموطن حكم المذكر والمؤنث حتى انقلب كل منهما في ضدّ قالبه، وبرز في بزّة صاحبه.
وأما الموضع الذي يجب فيه حفظ المراتب عن المضروب والضارب، فهو حيث يشتبه الفاعل بالمفعول لتعذّر ظهور علامة الإعراب فيهما أو في أحدهما، وذلك إذا كانا مقصورين مثل موسى وعيسى، أو من أسماء الإشارة نحو ذاك وهذا. فيجب حينئذ لإزالة اللّبس إقرار كل منهما في رتبته، ليعرف الفاعل منهما بتقدمه، والمفعول بتأخّره.
وأما الاسم الذي لا يفهم إلا باستضافة كلمتين، أو الاقتصار منه على حرفين فهو «مهما» وفيها قولان: أحدهما: أنها مركبة من «مه» التي هي بمعنى اكفف، ومن «ما» والقول الثاني- وهو الصحيح- أنّ الأصل فيها «ما» فزيدت عليها «ما» أخرى، كما تزاد على «إنّ» فصار لفظها «ماما»، فثقل عليهم توالي كلمتين بلفظ واحد، فأبدلوا من ألف «ما» الأولى «ها» فصارتا «مهما». ومهما من أدوات الشرط والجزاء، ومتى لفظت بها لم يتمّ الكلام، ولا عقل المعنى إلا بإيراد كلمتين بعدها، كقولك: مهما تفعل أفعل وتكون حينئذ ملتزما للفعل، وإن اقتصرت منهما على حرفين وهما «مه» التي بمعنى اكفف، فهم المعنى وكنت ملزما من خاطبته أن يكفّ.
وأما الوصف الذي إذا أردف بالنون نقص صاحبه في العيون، وقوّم بالدون، وخرج من الزّبون، وتعرّض للهون، فهو «ضيف» إذا لحقته النون استحال إلى «ضيفن» وهو الذي يتبع الضيف ويتنزّل في النقد منزلة الزّيف.