للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وواضحة كمثل النصل تجري ... مع الإبصار كالماء القراح (١)

ترى حبك المداد بجسم نور ... كمخضرّ الفرند على الصّفاح

كأنّ سواده في صفحتيها ... بقايا الليل في وجه الصّباح

رقطاء: فيها حرف منقوط وآخر غير منقوط، والرقطاء عندهم الدّجاجة المبرقشة، وهي المنقّطة بسواد وبياض، ومنه قيل للنهر أرقط؛ لأن فيه تنقيطا خلاف لونه، ولو شكر لمعطيه الدّواة لأنشد هذه الأبيات، وهي لابن سكرة: [البسيط]

أخ مزجت بروحي روحه وجرى ... منه كجري دمي في الجسم أفديه

أهدى إليّ دواة لو كتبت بها ... دهري أياديه لم تنفد أياديه

وهذه الرسالة التي أنشأها أبو محمد أبدع فيها بما أراد، وأغرب بها وأجاد.

وننشد من الشعر النّفيس في مدح الرسائل ما يجري لها كالوصف، ويسري بذكرها طيب العرف، فمن ذلك قول أبي تمام: [الوافر]

مداد مثل خافية الغراب ... وقرطاس كرقراق السّراب (٢)

وألفاظ كألفاظ المثاني ... وخطّ مثل وشم يد الكعاب

كتبت ولو قدرت هوى وشوقا ... لكنت إليك سطرا في الكتاب

وله في كتاب جاء من الحسن بن وهب: [الوافر]

لقد جلّى كتابك كل بثّ ... جو وأصاب شاكلة الرّمي

وكان أغضّ في عيني وأندى ... على كبدي من الزّهر الجنيّ

وأحسن موقعا مني وعندي ... من البشرى أتت بعد النّعيّ

فكائن فيه من معنى خطير ... وكائن فيه من لفظ بهيّ

فيا ثلج الفؤاد وكان رضفا ... ويا شبعي برونقه وريّي

من أبيات كلها عيون، وفيما ذكرنا دليل على ما تركنا.

وقال أبو نواس في كتاب ورد عليه من صديق: [البسيط]

ووارد ورد إنشاء يؤكّده ... صدوره عن سليم الورد والصّدر

شدّت بتيجانه منه على نزه ... تقسّم الحسن بين السمع والبصر

عذوبة صدرت عن منطق ينع ... كالماء يخرج ينبوعا من الحجر

وروضة من رياض الفكر دبّجها ... صوب القرائح لا صوب من المطر


(١) الأبيات في ملحق ديوان ابن الزقاق ص ٢٩١.
(٢) البيت الأول للحسن بن وهب في ديوان المعاني ٢/ ٨٣، وليس في ديوان ابن الزقاق.

<<  <  ج: ص:  >  >>