للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ويوم كإبهام القطاة محبب ... إليّ صباه غالب لي باطله (١)

رزقنا به الصّيد الغزير فلم يكن ... كمن نبله محرومة وحبائله

وذلك يوم خيره قبل شره ... تغيّب واشيه وأقصر عاذله

قال الأصمعي: قال لي خلف الأحمر: ويحه فما ينفعه حين يؤول إلى الشرّ! قلت:

فكيف يجب أن يقول؟ قال: خيره دون شره، قلت: والله لا أرويه بعدها إلا هكذا.

عجت: ملت. سرحة: شجرة، كثيفة: ملتفتة الأغصان. وريقة: كثيرة الورق.

والأفنان: الأغصان، أو ما تفرع منها. وما أحسن ما نظم في الفرار من الحرّ إلى الظل المنازي كاتب مروان صاحب ميافارقين حين قال: [الوافر]

وقانا وقدة الرّمضاء روض ... سقاه مضاعف الطّل العميم

قصدنا دوحه فحنا علينا ... حنوّ الوالدات على الفطيم

يراعي الشمس أنّى قابلتنا ... فيحجبها ويأذن للنسيم

وهذا ما يتعلق بالغرض، وزاد فيه معنى بديعا بقوله: [الوافر]

ويسقينا على ظمأ زلالا ... ألذ من المدام مع الكريم

يروع حصاه حالية الغواني ... فتلمس جانب العقد النظيم

تأمل هذه الصفة تجدها غاية في بابها، وتخيّل هذه الجارية كيف نظرت بياض الحصى في الماء، فارتاعت وحسبت عقدها تناثر، فالتمسته بيدها.

وقال السرّي فأحسن: [الطويل]

أدرها ففقد اللّوم إحدى الغنائم ... ولا تخش إثما لست فيها بآثم

ولا عيش إلا في اعتصام بقهوة ... يروح الفتى منها خضيب المعاصم

ولا ظل إلا ظلّ كرم معرّش ... تغنيك من قطريه ورق الحمائم

سماء غصون تحجب الشمس أن ترى ... على الأرض إلا مثل نثر الدّراهم

وقال ابن لبّال في متنزه بشريش يسمى أجّانة: [الطويل]

أيا حبذا إجانة كيفما اغتدت ... زمان ربيع أو زمان عصير

مذانب ماء كاللّجين على حصى ... كدرّ بلا ثقب أغرّ نثير

ورمل إذا ما ابتلّ بالماء عطفه ... غنينا به عن عنبر وذرور


(١) يروى البيت الأول:
ويوم كإبهام القطاة مملّح ... إليّ صباه معجب لي باطله
وهو بلا نسبة في كتاب العين ٢/ ٢٩٧.

<<  <  ج: ص:  >  >>