للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فقلت له مجيزا: [مجزوء الرمل]

* وبها كنت أعيش*

فقال أبو بكر: [مجزوء الرمل]

* بلدة يوجد فيها*

فقلت: [مجزوء الرمل]

* كلّ شيء ويريش*

فقال أبو بكر: [مجزوء الرمل]

* وردها من سلسبيل*

فقلت: [مجزوء الرمل]

* وصحاريها عريش*

ثم سرنا في طريقنا على قوافي السّروجية، فرددناها شريشية، وقطعنا بها الطريق ونحن لا نشعر، فكانت أسرّ عشيّة رأيت، بمجالسة مثل هذا الفاضل وسنّه قد نيّف على الثمانين بسنتين، يحدّثني عن ابن عربي وابن عبدون الكاتب ونظرائهم، في رياض كلّها نزهة على نهر إشبيليّة، وهي أمامنا على بهجتها وجمالها، مادحا لي ولبلدي، ليدخل عليّ بذلك المسرّة، نسأل الله أن يبلغه غاية السرور في دار البقاء.

***

قال: فلمّا بيّن بلده، ووعيت ما أنشده. أيقنت أنّه علّامتنا أبو زيد، وإن كان الهرم قد أوثقه بقيد. فبادرت إلى مصافحته، واغتنمت مؤاكلته من صفحته، وظلت مدة مقامي بمصر أعشو إلى شواظه، وأحشو صدفتيّ من درّ الفاظه، إلى أن نعب بيننا غراب البين، ففارقته مفارقة الجفن للعين.

***

قوله: وعيت، أي حفظت. علّامتنا: عالمنا المشهور بالعلم. أوثقه: ربطه وشدّه، وقد تقدّم هذا القبيل من الهرم في أخبار وأشعار حسان، مصافحته: معانقته ووضع كفّي على كفّه.

ابن عمر رضي الله عنهما، قال: قال رسول الله صلّى الله عليه وسلم: «أيّما امرئ يصافح أخاه ليس في صدر واحد منهما على أخيه إحنة لم تتفرّق أيديهما حتى يغفر الله لهما ما مضى من ذنوبهما» (١).


(١) رواه ابن الأثير الجزري في النهاية في غريب الحديث ١/ ٢٧.

<<  <  ج: ص:  >  >>