للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وهي التي جعلها حسّان موعد خيل الإسلام في قوله: [الوافر]

* تثير النّقع موعدها كداء (١) *

ومنها دخلت مكة يوم الفتح، قال رسول الله صلّى الله عليه وسلم: «ادخلوها من حيث قال حسان».

والحجون هو الذي قال فيه الحارث بن مضاض: [الطويل]

كأن لم يكن بين الحجون إلى الصفا ... أنيس ولم يسمر بمكّة سامر (٢)

وعن يسار المارّ إليها جبل، وفي جبّانة الحجون مدفن جماعة من الصّحابة دثرت اليوم قبورهم، وفيها بقيّة علم ظاهر، وهو موضع خشبة عبد الله بن الزبير، كان في موضعه بناء مرتفع، فهدمه أهل الطائف غيرة منهم على ما كان يجدّد من لعنة الحجاج صاحبهم وعن يمينك إذا استقبلت الجبّانة مسجد في مسيل بين جبلين، وهو الذي بايعت الجنّ فيه النبيّ صلّى الله عليه وسلم، وعلى باب الحجون طريق الطائف والعراق، والصّعود إلى عرفات، والباب بين الشرق والشمال مائلا إلى الشرق.

الباب الثاني: باب السفلى إلى جهة الجنوب، عليه طريق اليمن، ومنه دخل خالد ابن الوليد، يوم الفتح.

الباب الثالث: باب العمرة يعرف بالباب الزاهر، عليه طريق المدينة والشأم وجدّة، وهو غربيّ، ومنه يخرج إلى التّنعيم، وهو على فرسخ من مكة، وهو أقرب ميقات للمعتمرين، وطريقه حسن، فيه الآبار العذبة المسماة بالشّبيكة.

وعلى ميل من مكة في طريق التّنعيم يلفى مسجد بإزائه حجر كالمصطبة، يعلوه حجر آخر مسند، فيه نقش داثر، يقال إن النبي صلّى الله عليه وسلم قعد عليه مستريحا عند مجيئه من العمرة، يمسح الناس خدودهم به تبرّكا. وبعده بغلوة على يسار الطريق قبر أبي لهب وامرأته، قد علاهما جبلان عظيمان من الصّخر لرجم الناس على قديم الدهر.

وعلى قدر ميل يلفى الزاهر، وهو مبنيّ على جانبي الطريق، يحتوي على دار وبساتين لأحد المكيّين، وفيه مكان مستطيل، عليه كيزان الماء، ومراكن مملوءة، وهي القصاري للشرب والطّهور، وفيه منفعة كبيرة للمعتمرين.

وعلى جانبي الطريق في الزاهر أربعة أجبال: جبلان، من هنا وجبلان من هنا،


(١) صدره:
عدمنا خيلنا إن لم تروها
والبيت في ديوان حسان بن ثابت ص ٧٣، ولسان العرب (كدا)، وجمهرة اللغة ص ١٠٦٠، ومعجم ما استعجم ص ١١١٧، وتاج العروس (كدا).
(٢) البيت لعمرو بن الحارث بن مضاض أو للحارث الجرهمي في لسان العرب (حجن)، وبلا نسبة في قطر الندى ص ١٥٩.

<<  <  ج: ص:  >  >>