للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يذكر أنها التي جعل إبراهيم عليه السلام أجزاء الطير عليها، ثم دعاها عند قوله: رَبِّ أَرِنِي كَيْفَ تُحْيِ الْمَوْتى [البقرة: ٢٦].

وعند إجازتك بالزّاهر تمرّ بالوادي المعروف بذي طوى، كان ابن عمر رضي الله عنهما يغتسل فيه عند دخوله مكة، وفيه نزل النبيّ عليه الصلاة والسلام عند دخوله، وفيه مسجد إبراهيم عليه السلام، وفيه آبار نعرف بالشّبيكة. ثم تخرج من الوادي إلى أعلام، وهي أحجار موضوعة بين الحلّ والحرم، كالأبراج المصفوفة، فداخلها إلى جهة مكة حرم، وهي كالأبراج، وآخذة من أعلى جبل، يعترض عن يمين الطريق في [التوجّه]

إلى العمرة، وينشق الطريق إلى جبل عن يساره، وهما ميقات المعتمرين، [وفيها مساجد مبنية بالحجارة] وخارجها بنحو غلوتين مسجد عائشة رضي الله عنها.

ومن جبال مكة جبال أبي قبيس، وهو على الحرم في الجهة الشرقية يقابل الحجر الأسود، في أعلاه مسجد عليه سطح يشرف على مكة، ويظهر حسنها وحسن الحرم واتساعه وجمال الكعبة، وهو مستودع الحجر الأسود من الطوفان، حتى أدّاه إلى إبراهيم عليه الصلاة والسلام، وفيه قبر آدم عليه السلام، وهو أحد أخشبي مكة، والأخشب الثاني المتصل بقعيقعان في الجهة الغربيّة، وفيه موقف النبي صلّى الله عليه وسلم، عند انشقاق القمر.

ومن جبالها حراء، على مقدار فرسخ، ومشرف على منى، وهو مرتفع في الهواء، كان متعبّد النبيّ صلّى الله عليه وسلم، وهو الذي اهتزّ تحته، فقال: اسكن حراء، فما عليك إلا نبيّ وصدّيق وشهيدان، لعمر بن الخطاب وعثمان بن عفان رضي الله عنهما، وفيه نزلت أول آية من القرآن، وهو آخذ من المغرب إلى الشمال، وعلى طرفه الشماليّ جبّانة الحجون المتقدمة.

ومن جبالها جبل ثور، وهو في الجهة اليمانية على فرسخ أو أزيد، وفيه الغار الذي أوى إليه النبيّ صلّى الله عليه وسلم، وعلى مقربة من الغار قبة جبريل، وهي عمود منقطع من الجبال، قد قام شبه الذراع المرتفعة مقدار نصف القامة، وانبسط من أعلى شبه الكفّ، كأنّه قبّة مبسوطة، يستظلّ تحتها نحو العشرين رجلا، ومن مكة إلى منى نحو خمسة أميال.

ومنى مدينة عظيمة الآثار واسعة الاختطاط، وقد خربت اليوم إلّا منازل يسيرة محدثة للنزول، كان الطريق إليها الميدان اتساعا وانفساحا. وأوّل ما يلقى المتوجّه إليها بقربها مسجد البيعة التي عقدها العباس للنبي صلّى الله عليه وسلم على الأنصار، ثم يفضي بها إلى جمرة العقبة، وهي أوّل منى وعليها مسجد، وبها علم منصوب شبه أعلام الحرم المذكورة، يجعله الرامي عن يمينه مستقبلا مكة، ويرمي بها سبع حصيات يوم النحر أثر طلوع الشمس، ثم ينحر أو يذبح، ويحلّق أو يقصّر، ومنى كلّها منحر، ويحلّ له كلّ الأشياء إلا النساء، وبعدها الجمرة الوسطى، وبها أيضا علم، وبين الجمرتين قدر غلوة، وبعدها بمقدار غلوة الجمرة الأولى التي ترمى وقت الزوال ثاني يوم النّحر بسبع حصيات، وفي

<<  <  ج: ص:  >  >>