الوسطى بسبع، وفي جمرة العقبة بسبع، فتلك إحدى وعشرون حصاة، ويفعل ذلك في ثالث يوم النحر، فتلك اثنتان وأربعون حصاة، وسبع تقدّمت يوم النحر فتكمل تسع وأربعون حصاة.
وفي أثر ذلك ينفضّ الحاجّ إلى مكة، وعند الجمرة الأولى يلفى مجرى الذّبيح عليه السلام، وفي موضع المجرى حجر ملصق بجدار فيه أثر قدم صغيرة، يقال إنها أثر قدمه، عند تحرّكه لان له الحجر إشفاقا، فيقبّله الناس ويلمسونه تبرّكا به.
ومسجد الخيف آخر منّى، وهو متّسع الساحة، كأكبر ما يكون من الجوامع، وصومعته في رحبة المسجد، وله في القبلة أربع بلاطات، وهو مسجد مشهور البركة، ومن منى إلى المزدلفة نحو خمسة أميال، والمزدلفة تسمى المشعر الحرام وجمعا فلها ثلاثة أسماء. ووادي محسّر حدّ بين المزدلفة ومنى. والمزدلفة بسيط من الأرض فسيح حولها صهاريج للماء، وفي وسط البسيط حلق في وسطها قبّة، في أعلاها مسجد يصعد إليه على أدراج من جهتين، يزدحم الناس عليه للصلاة فيه عند مبيتهم بها، وبين المزدلفة وعرفات أزيد من خمسة أميال.
وعرفات بسيط من الأرض [على] مدّ البصر، لو حشر الخلائق فيه لوسعهم، تحدق به جبال كثيرة. وفي آخر البسيط جبل الرّحمة، وهو موقف الناس، والعلمان قبله، فما أمامهما إلى عرفات جبل، وما دونهما حرم.
وجبل الرحمة منقطع عن الجبال، قائم في البسيط، فهو كلّه حجارة. وكان صعب المرتقى، فأحدثوا فيه من أربع جهاته أدراجا وطيئة يصعد فيها بالدوابّ الموقرة. وفي أعلاه قبّة تنسب لأم سلمة رضي الله عنها، وفي وسطها مسجد يحدق به سطح فسيح السّاحة جميل المنظر، يزدحم الناس عليه للصلاة فيه، فيشرف منه على بسيط عرفات، وفي أسفله عن يسار القبلة دار عتيقة البنيان، فيها غرف، لها طيقان تنسب إلى آدم عليه الصلاة والسلام. وعن يسارها مسجد صغير. وبمقربة من العلمين مسجد إبراهيم عليه الصلاة والسلام، بقي منه الجدار القبلي يخطب فيه الخطيب يوم الوقفة، ثم يجمع بين الظهر والعصر، ثم يقف الناس بعد جمعهم الظّهر والعصر باكين داعين متضرّعين، حتى يغيب قرص الشمس، ثم يدفع الإمام المالكيّ بالناس بالنّفر دفعا ترتجّ منه الجبال، فيصلّون بمزدلفة المغرب والعشاء الآخرة، فيبيتون بها، والدنيا كلها شموع مسرجة، فإذا صلّوا الصبح غدوة النحر وقفوا داعين.
ومزدلفة كلّها موقف إلا وادي محسّر، فإن فيه تقع الهرولة إلى منى، فإذا بلغوا منى رموا بها جمرة العقبة.
ثم ينفر الناس إلى البيت المكرّم إلى طواف الإفاضة، وهو كمال الحجّ.
وأما البيت المكرّم فهو قريب من التربيع، له أربعة أركان: ركن ينظر إلى الشرق