للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

النّوب السّود، حتّى صفرت الرّاحة، وقرعت السّاحة، وغار المنبع، ونبا المربع، وأقوى المجمع، وأقضّ المضجع، واستحالت الحال، وأعول العيال، وخلت المرابط، ورحم الغابط، وأودى الناطق والصّامت، ورثى لنا الحاسد والشّامت.

***

قوله: «يا أخاير الذخائر»، الأخاير: جمع أخير، كما يقال: أكبر وأكابر، والمستعمل خير وشر، ولا يقال: أخير ولا أشرّ إلا شاذّا، وإن كان هو الأصل، لكنه رفض استعماله وجاء الجمع على الأصل، لأنه يردّ الشيء إلى أصله وقال رؤبة: [الرجز]

* بلال خير النّاس وابن الأخير (١) *

فنطق بالمستعمل لشهرته، وبأصله وهو قليل، فإذا تعجّبوا من ذلك قالوا: ما أخير فلانا، وما أشرّ فلانا. والذخائر: جمع ذخيرة؛ وهي الشيء النفيس الغالي يصونه الإنسان ويعتدّه لزمانه. البشائر: جمع بشارة، وقد بشّرت الرجل بشارة إذا أدخلت عليه السرور.

والعشائر: جمع عشيرة، وهي قرابة الرجل من قبيلته، يقول: أنتم أرفع الذخائر، وخيرها، وأنتم يستبشر من لقيكم برؤيتكم، ويتيامن بلقائكم، ويعلم أنكم تصلونه وتكرمونه؛ ليستعطفهم بهذا الكلام. عموا صباحا: دعاء لهم بالنّعمة في الصباح، أي جعلكم الله تنعمون في صباحكم. وعموا: أمر من وعم يعم، وهي في معنى نعم ينعم.

وأنعموا اصطباحا، أي طاب شربكم في الصّباح وتنعمتم به، والاصطباح: أن يصبحوا وهم يشربون. نديّ: مجلس اجتماع، أي هو شريف يقعد ويجتمع عنده. ندى: كرم.

جدى: عطيّة. العقار: المال الذي لا ينتقل كالنخل والدّور والأرضين. قرى: جمع قرية. مقار: جفان يقرى فيها الأضياف، أي يطعمون فيها. والقرى: طعام الضيف.

قطوب. عبوس. الخطوب: الشدائد. الحروب: القتال. الكروب: الهموم، قال النبي صلى الله عليه وسلم: «مما أعلم أنّه لا يقوله مكروب إلّا فرّج الله عنه، كلمة أخي يونس: فَنادى فِي الظُّلُماتِ أَنْ لا إِلهَ إِلَّا أَنْتَ ... [الأنبياء: ٨٧] الآية».

ومن كلام ابن المعتز: الحوادث المحضة مكسبة لحظوظ جزيلة، وثواب مدخر، وتطهير من ذنب، وتنبيه من غفلة، وتعريف بقدر النعمة، ومرور على مقارعة الدهر، وإذا استرجع الله مواهب الدنيا كانت مواهب الآخرة.

غيره: لولا حوادث الأيام، لم يعرف صبر الكرام، ولا جزع اللئام.

وقال أبو تمّام: [الكامل]


(١) الرجز بلا نسبة في الدرر ٦/ ٢٦٥، وشرح التصريح ٢/ ١٠١، وشرح عمدة الحافظ ص ٧٧٠، وهمع الهوامع ٢/ ١٦٦.

<<  <  ج: ص:  >  >>