لولا اشتعال النّار فيما جاورت ... ما كان يعرف طيب عرف العود
وقال القاضي ابن عمر: [المتقارب]
نهاني حلمي فما أظلم ... وعزّ مكاني فما أظلم
ولا بدّ من حاسد قلبه ... بنور مآثرنا مظلم
رحمت حسودي على أنه ... يعذّب بي ثم لا يرحم
أتانا الحسود ولسنا كما ... يقول ولكن كما يعلم
وقال اليمانيّ: [الكامل]
إنّي لأرحم حاسديّ لفرط ما ... ضمّت صدورهم من الأوغار
نظروا صنيع الله بي فعيونهم ... في جنّة وقلوبهم في نار
لا ذنب لي قد رمت كتم فواضلي ... فكأنّما برقعتها بنهار
قوله: «رثى لنا الحاسد والشامت»: قال النبي صلى الله عليه وسلم: «ارحموا ثلاثا: غنيّ قوم افتقر، وعزيز قوم ذلّ، وفقيها يلعب به الجهّال».
قال الشافعيّ: خمسة مرحومون: عزيز ذل، وغنيّ فلّ، وحبيب ملّ، وفصيح كلّ، وفقيه ضلّ.
وقال الشافعي: ومن حديث واثلة، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «لا تظهر الشماتة بأخيك، فيعافيه الله ويبتليك» (١)، وأخذه الحريريّ من قول الآخر: [السريع]
لم يبق إلّا نفس خافت ... ومقلة إنسانها باهت
ومغرم توقد أحشاؤه ... بالنّار إلا أنه ساكت
رقّ فما في جسمه مفصل ... إلّا وفيه سقم ثابت
يرثي له الشّامت ممّا به ... يا ويح من يرثي له الشامت!
***
وآل بنا الدّهر الموقع، والفقر المدقع، إلى أن احتذينا الوجى، واغتذينا الشّجا، واستبطنّا الجوى، وطوينا الأحشاء على الطّوى، واكتحلنا السّهاد، واستوطنّا الوهاد، واستوطأنا القتاد، وتناسينا الأقتاد، واستطبنا الحين المجتاح، واستبطأنا اليوم المتاح، فهل من حرّ آس، أو سمح مواس! فو الذي استخرجني من قيلة، لقد أمسيت أخا عيلة، لا أملك بيت ليلة.
(١) أخرجه الترمذي في القيامة باب ٥٤.