للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ولولا خساسة أخلاقه ... لما كان حظّي منه خسيسا

فقلت له: خفّض الأحزان، ولا تلم الزمان، واشكر لمن نقلك عن مذهب إبليس، إلى مذهب ابن إدريس.

***

قوله: على أنني، أي مع أنني. وقوله: ولا كيد فرعون موسى، أضاف فرعون إلى موسى، لأنّ الفراعنة كانوا جماعة.

وقال النبي صلّى الله عليه وسلم: «إنّ لكل أمة فرعونا، وفرعون هذه الأمة أبو جهل» (١).

وفرعون موسى، كان أكبر الفراعنة كيدا وأطولهم عمرا، وأعتاهم على الله، وأسراهم مملكة.

ابن عباس رضي الله تعالى عنهما قال: قال موسى عليه الصلاة والسلام: يا ربّ، أمهلت فرعون أربعمائة سنة، وهو يقول: أنا ربّكم الأعلى، ويكذّب بآياتك ويجحد رسلك! فأوحى الله تعالى إنه كان حسن الخلق سهل الحجاب، فأحببت أن أكافئه.

وأما عذابه لبني إسرائيل فقد قدمناه في الخامسة.

ومما يحكى عنه أنّه كان يأمر بالقصب فيشقّ، ويجعل أمثال الشفار، ثم يضيف بعضه إلى بعض، ثم يؤتى بالحبالى من بني إسرائيل فيوقفن عليه، فيحزّ أقدامهنّ، حتى إن المرأة لتضع ولدها فيقع بين رجليها، فتظلّ تطؤه تتّقي به حدّ القصب عن رجليها.

قال وهب بن منبّه: بلغني أنه ذبح في طلب موسى تسعين ألف ولد ونسب الثعالبيّ المفسر فرعون، فقال: هو أبو العباس الوليد بن مصعب بن الرّيان بن أراشه بن ثروان بن عمرو بن قاذم بن عملاق بن لاوذ بن سام بن نوح عليه السلام.

قوله: يسعّر، أي يهيّج. وغى: حرب. لظاها: حرّها. وطيسا: شدة، وحمي الوطيس: اشتدت الحرب، وأصله تنّور من حديث يطبخ فيه، فشبّهت شدّة الحرب وحرارتها به. وقيل: هو حفرة يختبز فيها. والوطيس: الوطء الشديد، والبلاء الذي يطسّ الناس، أي يدقهم ويقتلهم.

يطرقني: يقصدني ليلا. الخطوب: الأمور الشداد. خساسة: حقارة حظّي:

نصيبي.

ومما قيل في معنى قوله: ويدني إليّ البعيد البغيض .. البيت .. قول الزاهد بن عمران: [البسيط]

إلمام كلّ ثقيل قد أضرّ بنا ... نروم نقصهم والشيء يزداد


(١) أخرجه أحمد في المسند ١/ ٣٠٩، ٤٠٣، ٤٤٤.

<<  <  ج: ص:  >  >>