للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

آبنوس مختّم بالصندل، مصفّح بالفضة، مكوكب بها طوله خمسة أشبار، وعرضه ثلاثة أشبار، وارتفاعه أربعة، وهو قبالة رأس النبي صلّى الله عليه وسلم، فجميع سعة الروضة من جميع جهاتها مائة شبر، واثنان وسبعون شبرا، وهي مؤزّرة بالرخام البديع النحت الرائع النعت، وينتهي الإزار منها إلى نحو الثلث أو أقلّ يسيرا، وعليه من الجدار المكرم ثلث آخر، قد علاه تضميخ المسك والطّيب مقدار نصف شبر مسوّدا متراكبا، متشقّقا مع طول الأزمنة والأيام، والذي يعلوه من الجدار شبابيك عود متّصلة بالسّمك الأعلى، لأنّ أعلى الروضة متّصل بسمك المسجد، وإلى حيّز إزار الرخام تنتهي الأستار، وهي لازورديّة اللون، مختّمة بخواتم بيض مثمّنة ومربعة، وفي داخل الخواتيم دوائر مستديرة، ونقط بيض تحفّ بها، فمنظرها منظر بديع الشّكل. وفي أعلاها رسم مائل إلى البياض، وفي الصفحة القبلية أمام وجه النبي صلّى الله عليه وسلم مسمار فضّة، هو قبالة الوجه المكرم، فيقف الناس أمامه للسّلام، وإلى قدميه صلّى الله عليه وسلم رأس أبي بكر رضي الله عنه، ومما يلي كتفي أبي بكر رأس عمر رضي الله عنهما، فيقف المسلّم مستدبر القبلة، ومستقبل الوجه الكريم، فيسلّم ثم ينصرف يمينا إلى وجه أبي بكر، ثم إلى وجه عمر رضي الله تعالى عنهما.

وأمام هذه الصفحة المكرّمة نحو العشرين قنديلا معلّقة من الفضة، وفيها اثنان من ذهب، وفي جوفي الروضة حوض صغير مرخّم في قبلته شكل محراب، قيل: إنه بيت فاطمة رضي الله تعالى عنها، ويقال: هو قبرها، وعن يمين الرّوضة المكرّمة المنبر الكريم، ومنه إليها اثنتان وأربعون خطوة، وهو في الحوض المبارك الّذي طوله أربع عشرة خطوة، وعرضه ستّ خطا، وهو مرخّم كلّه وارتفاعه شبر ونصف، وارتفاع المنبر نحو القامة أو أزيد وسعته خمسة أشبار، وطوله خمس خطوات، وأدراجه ثمانية، وبابه على هيئة الشّبّاك مقفل يفتح يوم الجمعة، وطوله أربعة أشبار ونصف شبر.

والمنبر مغشى بعود الآبنوس، ومقعد النبي صلّى الله عليه وسلم من أعلاه ظاهر، وقد طبق عليه لوح من الآبنوس غير متّصل به، يصونه من القعود عليه، يدخل الناس أيديهم إليه، ويمسحونه. تبركا بلمس ذلك المقعد الكريم، وعلى رأس رجل المنبر اليمني، حيث يضع الخطيب يده حلقة فضة مجوّفة مستطيلة تشبه حلقة الخياط، لكنها أكبر لاعبة تستدير في موضعها، يزعمون أنها كانت لعبة للحسن والحسين في حال خطبة جدّهما، صلوات الله عليهم أجمعين.

وفي الرّوضة الصغيرة التي بين القبر والمنبر، جاء الأثر أنها روضة من رياض الجنة، وقدرها ثمان خطا، ويتزاحم الناس في هذه الرّوضة للصلاة، وبإزائها لجهة القبلة عمود، يقال إنه مطبق على بقية الجذع الّذي حنّ للنبيّ صلّى الله عليه وسلم وقطعة منه في وسط العمود ظاهرة، يقبّلها الناس، ويمسحون خدودهم فيها وعلى حافتها في القبلة منها صندوق كبير للشّمع والأنوار التي توقد أمام الرّوضة كلّ ليلة، ومصلّى الإمام في الروضة الصغيرة

<<  <  ج: ص:  >  >>