فلأرمينّك مشقصا ... أوسا أويس من الهباله (١)
والهبالة: اسم ناقة، أي أرميك بسهم يكون عوضا عن الناقة. وكأنّ أصله يؤاوسه، فقدموا السين وهي لام الفعل، وأخّروا الواو وهي عينه، فصار «يؤاسوه» فقلبت الواو ياء لانكسار ما قبلها، فهو من المقلوب، وإن جعلته من أسوت الجرح، إذا أصلحته فلا قلب فيه.
قوله: «فو الذي استخرجني من قيلة»، قيلة هي أمّ الأوس والخزرج، وهي بنت الأرقم الغسّانية، وانتسابه لها كانتسابه قبل إلى أقيال غسّان. أخا عيلة: صاحب فقر، قال تعالى: وَإِنْ خِفْتُمْ عَيْلَةً [التوبة: ٢٨]، أي فقرا، وقال صلى الله عليه وسلم: «أعوذ بك من القسوة والغفلة والعيلة والمسكنة». بيت ليلة: قوت يبيت عليه ليلة.
أويت: أشفقت وحننت. مفاقره: جمع فقر على غير قياس- ومثله مذاكير الرجل جمع ذكر: محاسنه ومساويه. لويت: انعطفت. استنباط: استخراج الفقر في النثر:
فواصله، وهي مثل القوافي في النظم، والفقر: ما تقدّم في المقامة من الكلام المفقّر.
أبرزت: أطهرت. حتما: واجبا، يريد أنه قصد إلى أن يحقّق ما تقدّم من الفصاحة في فقره إن كانت له أو انتحلها، فقال ليختبره: امتدح هذا الدينار بشعر. فانبرى، أي اعترض وتقدّم. انتحال: ادّعاء منه في شعر غيره، يقال: انتحل كذا، أي ألزمه نفسه، وجعله كالملك، من النّحلة، وهي الهبة والعطية. [الرجز]
***
أكرم به أصفر راقت صفرته ... جوّاب آفاق ترامت سفرته
مأثورة سمعته وشهرته ... قد أودعت سرّ الغنى أسرّته
وقارنت نجح المساعي خطرته ... وحبّبت إلى الأنام غرّته
كأنّما من القلوب نقرته ... به يصول من حوته صرّته
وإن تفانت أو توانت عترته ... يا حبّذا نضاره ونقرته
وحبّذا مغناته ونصرته ... كم آمر به استتبّت إمرته
ومترف لولاه دامت حسرته ... وجيش همّ هزمته كرّته
وبدر تمّ أنزلته بدرته ... ومستشيط تتلظّى جمرته
أسرّ نجواه فلانت شرّته ... وكم أسير أسلمته أسرته
(١) البيت لأسماء بن خارجة في لسان العرب (حشأ)، (أوس)، (هبل)، وتاج العروس (حشأ)، (هبل)، وبلا نسبة في تهذيب اللغة ٥/ ١٣٨، ٦/ ٣٠٧، ١٣/ ١٣٨، ومقاييس اللغة ٢/ ٦٥، وديوان الأدب ١/ ٣٨٦، والمخصص ٨/ ٦٦، ويروى «فلأحشأنّك» بدل «فلأرمينّك».