قال الرّاوي: فلمّا رأيت شوب أبي زيد وروبه، وأسلوبه المألوف وصوبه، تأمّلت الشيخ على سهومة محيّاه، وسهوكة ريّاه، فإذا هو إيّاه.
***
يتداعون: يدعو بعضهم بعضا إلى ذكر الفصاحة، والأشبه أن يكون من الأدعية؛ وهي الأحجيّة والأغلوطة، كأنهم يتحاجون. وفصل الخطاب، كناية عن الفصاحة، يعتدّون: يحسبون، الأحطاب: جمع حطب، ولا يقال للعود حطب حتى يجفّ ماؤه وييبس، فأراد أنهم حسبوا أبا زيد من جنس الحطب لا نضارة فيه، كأنه لا علم عنده، وقال الشاعر: [الطويل]
إذا العود لم يثمر وإن كان شعبة ... من المثمرات اعتدّه الناس للحطب
يفيض: يتكلم ويندفع في القول، وفاض لسانه وأفاض، أي أبان. يبين: يبيّن.
سمة: علامة. سبر: قاس وجرّب. قرائحهم: أذهانهم. خبر: جرّب، شائلهم:
ناقصهم. راجحهم: وافيهم، والشائل من الدراهم: الناقص الذي يشول به الميزان أي يرتفع، والراجح ضده. وقال في الدّرة: الشائل: المرتفع، وأنشد: [السريع]
يا قوم من يعذر في عجرد ... القاتل المرء على الدّانق
لمّا رأى ميزانه شائلا ... وجاه بين الأذن والعاتق
استنثل كنائنهم: استخرج ما عندهم، والكنانة: جعبة السهام. الفدام: خرقة تجعل على فم الإبريق ليصفو الخمر بها، أخلاق: ثياب بالية. خلاق: نصيب وافر من الخير.
ينابيع: مخارج الماء من العيون. النّكت: المعاني الغامضة، والنكتة: نقطة في شيء تخالف لونه، فإذا كانت في الكلام فهي عيونه، النّخب: المختارة، بدائع: غرائب، ذوب الذهب: ما ذاب منه، ولو أنشدهم شعرا يوافق مجلسهم لم يكن إلا أبيات الناشئ:
[البسيط]
كأنهم في صدور الناس أفئدة ... تحسّ ما أخطروا فيها وما اعتمدوا
يبدون للنّاس ما تخفي ضمائرهم ... كأنهم وجدوا منها الذي وجدوا
دلّوا على باطن الدنيا بظاهرها ... وعلم ما غاب عنهم بالّذي شهدوا
مطالع الحق ما من شبهة غسقت ... إلا ومنهم لديها كوكب يقد
أو أبيات ابن شهيد حيث قال: [مخلع البسيط]
وفتية كالنّجوم حسنا ... كلّهم شاعر نبيل
متّقد الجانبين ماض ... كأنّه الصارم الصقيل
راموا انصرامي عن المعالي ... والقرب من دونها كليل