شجرها، فخالف آثار هذا الباب، واحتج الطحاوى بحديث أنس (أن النبى عليه السلام دخل داره وكان لأنس أخ صغير، وكان لهم نغير يلعب به، فقال له النبى عليه السلام: (يا أبا عمير، ما فعل النغير؟) وهذا لا حجة فيه؛ لأنه يمكن أن يصطاد ذلك النغر من غير حرم المدينة. وحجة الجماعة: أن الصحابة فهمت من الرسول (صلى الله عليه وسلم) تحريم الصيد فى حرم المدينة؛ لأنهم أَمروا بذلك وأفتوا به، وهم القدوة الذين يجب اتباعهم. وروى عن أبى سعيد الخدرى أنه كان يضرب بنيه إذا اصطادوا فيه ويرسل الصيد. وروى عن سعد بن أبى وقاص: أنه أخذ سلب من صاد فى حرم المدينة وقطع شجرها، ورواه عن النبى عليه السلام إلا أن أئمة الفتوى لم يقولوا بأخذ سلبه. قال المهلب: وقوله عليه السلام: (حُرم ما بين لابتى المدينة على لسانى) يريد أن تحريمها كان من طريق الوحى، فوجب تحريم صيدها وقطع شجرها، إلا أن جمهور العلماء على أنه لا جزاء فى حرم المدينة، لكنه آثم عندهم من استحل حرم رسول الله (صلى الله عليه وسلم) ، فإن قال الكوفيون: لما أجمعوا على سقوط الجزاء فى حرم المدينة دل أنه غير محرم. قيل: لا حجة فى هذا؛ لأن صيد مكة قد كان محرمًا على غير أمة محمد، ولم يكن عليهم فيه جزاء وإنما الجزاء فيه على أمة محمد، فليس إيجاب الجزاء فيه علة للتحريم، وشذ ابن أبى ذئب، ونافع صاحب مالك، والشافعى فى أحد قوليه فأوجبوا فيه الجزاء.