واحتج من أسقط الكفارة بقوله تعالى:(ليس عليكم جناح فيما أخطأتم به ولكن ما تعمدت قلوبكم (فبين أنه لا جناح علينا إلا فيما تعمدت قلوبنا، واحتجوا بقوله عليه السلام: (رُفع عن أمتى الخطأ والنسيان وما استكرهوا عليه) فوجب أن يكون مرفوعًا من كل وجه إلا أن يقوم دليل، قالوا: ووجدنا النسيان لا حكم له فى الشرع، مثل كلام الناسى فى الصلاة، فوجب أن يُحمل عليه كلامه إذا حنث ناسيًا. فعارضهم من أوجب الكفارة فقال: قوله تعالى: (وليس عليكم جناح فيما أخطأتم به (لا ينفى وجوب الكفارة؛ لأنه قد أوقع الحنث، فلا يكون عليه جناح والكفارة تجب، وإنما أراد برفع الجناح الضيق والإثم، ألا ترى أن الكفارة تجب فى قتل الخطأ مع رفع الجناح والإثم. قال المهلب: وهذه الأحاديث التى أدخل البخارى فى هذه الباب إنما حاول فيها إثبات العذر بالجهل والنسيان وإسقاط الكفارة، وجعلها كلها فى معنى واحد عند الله، واستدل بأفعال النبى وأقواله، وما بسطه من عذر من جهل أو تأول فأخطأ، وبما حكم به فى النسيان فى الصلاة وغيرها، والذى يوافق تبويبه قوله عليه السلام: (إن الله تجاوز لأمتى عما حدثت به أنفسها) وحديث أبى هريرة: (من أكل ناسيًا فليتم صومه) ولم يأمره بالإعادة، وحديث ابن بحينة فيما نسيه النبى - عليه السلام - من الجلوس فى الصلاة فلم يعد عليه السلام على حسب ما نسيه، ولا قضاه، وكذلك نسيان موسى