لم يطالبه به الخضر بعد أن كان شرط عليه ألا يسأله عن شىء، فلما سمح له الخضر وهو عبد من عباد الله؛ كان الله أولى بالعفو عن مثل ذلك، فصدر البخارى على سبيل قوة الرجاء فى عفو الله، وكذلك قوله:(ليس عليكم جناح فيما أخطأتم به (يعنى فى قضية التبنى الذى قد كان لصق بقلوب العرب، وغلب عليهم من نسبة المتبنين إلى من تبناهم لا لآبائهم، فعذرهم الله بغلبة العادة وآخذهم بما تعمدوه من ذلك. وأما غير ذلك مما ذكره من المعانى فى هذا الباب فإنما هى على التشبيه، فأما قوله: (لا حرج) فيما قدم من النسك، فإنما عذرهم بالجهالة لحدود ما أنزل الله فى كتابه، وكان فرض الحج لم تنتشر كيفيته عند العرب حتى كان عليه السلام هو تولى بيانه عملا بنفسه، فلم يوجب على المخطئ فى التقديم والتأخير فدية لغلبة الجهالة. فإن قيل: فإن فى الأحاديث التى ذكرها البخارى فى هذا الباب ما يدل على سقوط الكفارة فى النسيان، ومنها ما يدل على إثباتها، فأما ما يدل على إثباتها فقوله عليه السلام:(ارجع فصل فإنك لم تصل) ومنها حديث ابن مسعود أنه عليه السلام قال: (من لم يدر ما صلى فليتحر الصواب فيتم ما بقى ثم يسجد سجدتين) ، ومنها حديث ابن نيار فى إعادة الأضحية. قيل: أما قوله عليه السلام: (ارجع فصل فإنك لم تصل) فإنه قد كان تقدم العلم بحدود الصلاة من النبى عيانًا، فلم يعذر