للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

والتَّضييق لازمٌ لمعنى التَّقدير، فإنَّه اذا أعطي قَدْره- لا أزيد ولا أنقص- فقد ضُيِّق أن يدخل فيه غيره أو يسعه سواه (١)، فإذا جعل الشَّهر ثلاثين فقد قدر له قدرًا لم يدخل فيه غيره، والله أعلم.

وقال الحافظ أبو نعيم في كتاب " المستخرج على مسلم " في قوله: " فاقدروا له ": أي: اقصدوا بالنَّظر والطَّلب الموضع الذي تقدرون أنَّكم ترون (٢) فيه (٣). وهذا تفسيرٌ غريبٌ عجيبٌ!!

وما ذكره الإسماعيليُّ من الكلام على الحديث الذي رواه البخاريُّ (وأنَّ آدم بن أبي إياس يجوز أن يكون رواه على التَّفسير من عنده للخبر): غير قادحٍ في صحَّة الحديث، لأنَّ النَّبيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إمَّا أن يكون قال اللفظين- وهذا مقتضى ظاهر الرِّواية-، وإمَّا أن يكون قال أحدهما وذكر الرَّاوي اللفظ الآخر بالمعنى، فإنَّ اللام في قوله: " فاكملوا العدَّة " للعهد- أي: عدَّة الشَّهر-، وهو صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لم يخصَّ شهرًا دون شهرٍ بالإكمال إذا غُمَّ، فلا فرق بين شعبان وغيره، إذ لو كان شعبان غير مرادٍ من هذا الإكمال لبيَّنه، لأنَّه ذكر الإكمال عقيب قوله: " صوموا ... وأفطروا "، فشعبان وغيره مرادٌ من قوله: " فأكملوا العدَّة "، فلا تكون رواية من روى: " فأكملوا عدَّة شعبان " مخالفًا لمن قال: " فأكملوا العدَّة " بل مبيِّنة لها، أحدهما أطلق لفظًا يقتضي العموم في الشَّهر، والثَّاني ذكر فردًا من الأفراد؛ ويشهد لهذا قوله: " فإن حال بينكم وبينه سحابٌ فكمِّلوا العدَّة ثلاثيِن، ولا تستقبلوا الشَّهر استقبالاً " وهذا صريحٌ في أنَّ التَّكميل لشعبان كما هو لرمضان، فلا فرق بينهما.


(١) كذا بالأصل و (ب).
(٢) في "المستخرج": (ترونه).
(٣) "المستخرج": (٣/ ١٤٦ - رقم: ٢٤١٣).