وقد اعتمد المؤلف في كتابه طريقة الإملاء (١)، متبعا النمط السائد بإفريقية في هذا الوقت في التعليق على المدونة حيث قال في المقدمة:"فرأيت أن أملي عليهم من خلاف المذهب" وقال أيضاً: "وفي هذا الإملاء لمن اقتصر عليه ما يخرجه من زمرة أهل التقليد ... " والإملاء قد يكون من محفوظ أو مرتجلا .. بالإضافة إلى أن حرص المؤلف على محاذاة المدونة التي صيغت على شكل أسئلة وأجوبة أثرت على أسلوبه كذلك، وتركت بصمات واضحة فيه. فكثيراً ما يعالج المسائل الفقهية على شكل أجوبة يضع لها أسئلة.
والأمثلة التي توضح ذلك كثيرة أختار منها ما جاء في باب زكاة العروض من كتاب الزكاة الأول: فمن ذلك قوله: "ولا يجوز عندنا أن يتطوع بالإخراج قبل البيع فإن فعل فهل يجزيه؟ ""هل تجب عليه الزكاة لعدم تحصيل حول يزكي فيه، أو لأنه لما أكثر الإدارة في العروض صارت في حقه كالعين؟ وعلى هذا اختلف المذهب فيمن كان يبيع العروض بالعروض ولا ينض له عين، هل يجب عليه التقويم أم لا؟ ""وإذا قلنا بوجوب الزكاة وإن لم ينض له شيء، فهل يخرج عرضا بقيمته أو يبيع ويخرج عينه؟ ""وإذا بارت عروض المدير فهل يخرج بذلك عن حكم الإدارة ويرجع إلى النوع الأول الذي تجب فيه الزكاة بالبيع؟ ""وهل يزكي المدير دينه؟ ""وهل يقوم المدير ما كان من الدين طعامًا من بيع؟ ""وهل يقوم المدير ما استغله من الثمار والحب؟ ".
على هذا المنوال سار ابن بشير في معظم الكتاب يضع أسئلة ثم يجيب عنها.
(١) قال ابن عابدين: (الأمالي جمع إملاء وهو: أن يقعد العالم وحوله تلامذته بالمحابر والقراطيس، فيتكلم العالم بما فتحه الله تعالى عليه من ظهر قلبه في العلم وتكتبه التلامذة، ثم يجمعون ما يكتبونه فيصير كتابًا، فيسمونه الإملاء والأمالي، وكان ذلك عادة السلف من الفقهاء والمحدثين وأهل العربية وغيرها في علومهم فاندرست لذهاب العلم والعلماء وإلى الله المصير. وعلماء الشافعية يسمون مثله تعليقة. (مجموعة رسائل ابن عابدين. ١/ ١٧).